الإعلانات المضللة تضرب السوق المصري

أدوات تجميل ومساحيق غسيل مغشوشة تروج لها فضائيات بير السلم

في السنوات الأخيرة أي ما بعد ثورة 25 يناير.. ظهرت علينا الكثير من القنوات الفضائية.. التي تعمل تحت بير السلم.. وتستخدم إعلانات خادعة لجذب المستهلكين.. لشراء منتجات قد تكون مغشوشة أو قليلة الجودة أو معيوبة.. ليدفع المستهلك الغلبان والبسيط الثمن غاليا بعد أن يقع في الفخ وتسرق أمواله ويكتشف ان السلع التي حصل عليها عبر هذه الوسائل الفضائية غير صالحة للاستخدام الآدمي!!!
"الجمهورية" حاولت معالجة هذه الظاهرة الخطيرة.. لايجاد الحلول المناسبة لاحتواء مثل هذه الظواهر الفضائية ووضع الضوابط لحماية المستهلك واستطلعت آراء عدد من الخبراء ومسئولي حماية المستهلك!!!
اللواء عاطف يعقوب - رئيس جهاز حماية المستهلك - قال: ان الجهاز يقوم بحملات مكثفة من أجل ضبط القنوات التي تبث الإعلانات المضللة والتي تسبب أضرارا للمستهلكين. مشيرا إلي انه يتم التنسيق مع الانتربول الدولي لوقف الإعلانات التي تبث من قنوات خارجية وتقوم بالترويج لمنتجات غذائية وسلع غير مصرح بتداولها من الجهات المختصة وتمثل خطورة علي صحة المواطنين وذلك بعد رصد ما يقرب من 3 آلاف إعلان مضلل يتم بثهم من قنوات خارجية من بعض الدول مشيرا إلي انه تم تحويل أكثر من 600 قناة للنيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية.
وأضاف رئيس جهاز جماية المستهلك انه يتم التواصل مع الجهة المعنية باستخراج التصاريح لتداول المنتجات التي يتم الإعلان عنها وذلك للتأكد من حصول المنتج علي تصريح بالتداول من عدمه وفي حالة موافاة الجهة المنوطة باستخراج التصاريح بعدم مشروعية تداول المنتج تتم مخاطبة إدارة التحريات بالجهاز ومعرفة طبيعة المنتج ومخاطبة وزارة الاستثمار لاتخاذ إجراءات ضد من يقوم بالترويج لمنتجات غير صالحة عبر القنوات الفضائية والتي تصل إلي الاحالة للنيابة اضافة إلي التنسيق مع وزير الاتصالات لايقاف خطوط التليفونات التي تستخدم في الترويج لمنتجات غير مصرح بتداولها.
أوضح انه في إطار خطة الجهاز الهادفة إلي حماية المستهلك ضد عمليات الغش والتدليس في الأسواق ومكافحة الإعلانات المضللة فقد تم تفعيل إدارة الاعلانات المضللة التي تقوم برصد ومراقبة الإعلانات المضللة والخادعة علي مدار 24 ساعة من خلال المرصد الإعلامي لجهاز حماية المستهلك واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين.
مستحضرات التجميل
وكشف رئيس جهاز حماية المستهلك ان أكثر الإعلانات التي يتم ضبطها تلك التي تقوم بالترويج لمنتجات طبية حيث يقوم الجهاز بمخاطبة وزارة الصحة للإفادة عما إذا كانت المنتجات المعلن عنها مسجلة بالوزارة وحاصلة علي ترخيص من عدمه خاصة أدوية بشرية أو مستحضرات تجميل.
وأكد يعقوب علي متابعة مجموعة العمل داخل المرصد الإعلامي بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية لمكافحة ظاهرة الإعلانات المضللة التي تروج لسلع ومنتجات وخدمات قد لا تتمتع بالمستوي الملائم من الجودة أو لا تتطابق والمواصفات المطلوبة والاشتراطات الصحية بحيث تضر بالمستهلك ومصالحه وصحته وسلامته كما تضر بالاقتصاد الوطني حيث تسهم في الترويج لسلع وخدمات رديئة علي حساب تلك التي تلتزم بالمواصفات والجودة واتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين بالاضافة إلي توعية وإعلام المستهلكين بالشركات والمنتجات المخالفة لكي يتم تبصيرهم قبل اتخاذ قرارات الشراء.
وطالب يعقوب المستهلكين بمعاونة الجهاز من خلال الاهتمام بالإبلاغ عن أية شكاوي لديهم حتي يتمكن جهاز حماية المستهلك من اتخاذ الإجراءات ضد المخالفين وضبط الأسواق.
وأشار إلي سهولة ارسال الشكاوي للجهاز من خلال الوسائل المتعددة التي اتاحها الجهاز لذلك سواء عن طريق الخط الساخن 19588 أو مكاتب البريد المنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية حيث أعد الجهاز استمارة مجانية في هذه المكاتب يمكن للمستهلك ارسال شكواه من خلالها دون تحميله أية أعباء مالية أو عن طريق جمعيات حماية المستهلك المنتشرة بالمحافظات أو من خلال الموقع الالكتروني.
حيل نفسية
.. محسن عادل - نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار - يقول: يصادف المستهلكون بإعلانات تسويقية تروج لمنتجات وخدمات مختلفة سواء علي الإنترنت أو شاشات التلفاز وأصبح المسوقون أكثر براعة في استغلال حيل نفسية معينة لاقناع المستهلك بشراء كميات أكبر من المنتجات التي لا يحتاجها أو دفع مبالغ أكبر مما تستحق هذه المنتجات.
.. أضاف: بالطبع في بعض الأحيان تقدم الشركات عدة عروض للأسعار للإيعاز للمستهلك بانه فاز بصفقة جيدة لصالحه.. ولبيان تأثير ذلك قام دان أربيلي أستاذ علم النفس والاقتصاد السلوكي بجامعة دوك بتحليل السياسة التسويقية لمجلة الإيكونوميست فالمجلة تقدم ثلاثة عروض للاشتراك بخدماتها وهي 59 دولارا للنسخة الالكترونية و125 دولارا للنسخة الورقية و125 دولارا للنسختين معا أي نفس قيمة العرض الثاني.
.. اضاف: وبتقديم العروض الثلاثة علي مائة من طلابه للاختيار من بينها اختار معظمهم العرض الثالث باعتباره الأكثر توفيرا وشعروا أنهم حصلوا علي صفقة جيدة ولكن عندما استثني "أربيلي" العرض الثاني "النسخة الورقية فقط" من قائمة الخيارات اختار معظم الطلبة العرض الأرخص النسخة الالكترونية فقط باعتباره العرض الأفضل.
.. قال: اتفق ان الكثير من الناس يفعلون أشياء لمجرد ان من حولهم يفعلونها فيما يوصف بسياسة القطيع فقد يشترون منتجات أو يشتركون في خدمات لا يحتاجونها لمجرد ان معظم أفراد المجتمع يفعلون ذلك.
.. أكد: تلجأ العديد من العلامات التجارية أو الأشخاص لشراء متابعين لهم علي مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالمتعابين الأشباح أو المزيفين للإيعاز للمستهلكين ان لديهم قاعدة واسعة من المتابعين والعملاء.
دور الدولة
تقول الدكتورة ماجدة شلبي - أستاذ الاقتصاد جامعة بنها: ان مواجهة الإعلانات المضللة التي تبث علي العديد من القنوات الفضائية يتطلب مواجهة حاسمة من جهاز حماية المستهلك والذي يمثل الدولة لمواجهة هذه الظاهرة.
اضافت ان الدولة كانت لها دور بارز في ضبط الأداء بالسوق حتي حقبة الثمانينيات مشيرة إلي انه في الوقت الحالي وبالرغم من اقتصاد السوق الحر فيجب ان تستغل الدولة أدواتها المتاحة لمواجهة الممارسات الضارة ولمنع تداول أي سلعة غير مطابقة للمواصفات.
أوضحت شلبي ان هناك عددا من الخطوات التي يجب اتباعها لمواجهة كافة أشكال الفساد منها وضع آليات تحدد الدور التنظيمي لحركة التداول واقرارات التشريعات والحفاظ علي حقوق الملكية الفكرية بجانب تشديد وتطبيق المواصفات القياسية والاشتراطات الصحية للمنتجات.
وقالت ان البرلمان له دور في غاية الأهمية فيما يتعلق بإقرار التشريعات المنظمة لحركة التجارة في مصر ومن أهمها قوانين الاستثمار وحماية المستهلك وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية بجانب إطلاق أيدي الدولة في تطبيق هذه القوانين علي الأرض بما يخدم صالح المجتمع.
اضافت انه يجب بناء استراتيجيات واضحة للتعامل مع القنوات الفضائية التي تبث إعلانات مضللة وان تكون هناك مخاطبات مع الجهات الدولية للتعامل مع القنوات التي تبث إعلانات خارج مصر مع وضع بروتوكولات مع كافة الدول لمكافحة هذه المشكلة.
شددت علي ضرورة تطوير بنية المؤسسات من خلال قيم الشفافية والمساءلة لانها تعد من مبادئ الحوكمة فضلا عن حرية تداول المعلومات للمنتجات المعروضة بداية من تجميع المكونات حتي وصولها للمستهلك النهائي وتوسيع مفهوم سيادة القانون بمشاركة القطاعين العام والخاص.