هجم علينا في الأيام الأخيرة خميس البرد وبدأ في شدته وقسوته كأنه فهد أو أسد. لم يقتصر أثره علي الفقراء والمعدمين. ولكن وصل إلي المشايخ والعمد. فارتعدت الفرائس وتكورت أصابع اليد والأمر لله من قبل ومن بعد بكينا علي حال إخوة لنا خارج الحدود في مخيمات سوريا وفلسطين وغيرها في أرجاء العالم اجتمع عليهم البرد والجوع. وحاصرهم الهلاك والعذاب من جميع الجهات وسائر الاتجاهات نسأل الله عز وجل أن يشملهم بواسع رحمته..يبدأ فصل الشتاء في مصر ومناطق نصف الكرة الأرضية الشمالي في 21 ديسمبر وينتهي في 20 مارس ويقابله فصل الصيف في النصف الجنوبي ويتركز البرد الشديد والمطر الغزير في يناير وفبراير "شهر طوبة بأكمله و10 أيام في أمشير" من السنة القبطية..يضيف أمشير إلي البرد والمطر عواصفه الشديدة التي نطلق عليها في الوجه البحري "زعابيب" وفي الصعيد "زعابير أمشير" وفي التراث الشعبي المصري كثير من الحكايات والنوادر حول هذه الأيام نعرف معظمها ومنها ما ورد علي لسان أحد الماعز اذا مرت طوبة بسلام. روحي يا طوبة يا طبطوبة. ولم تبلي لي عرقوبة" أي أن أرجلها لم تبتل بماء المطر..وتقول طوبة مهددة بكرة يجيلك عشرة في أخويا أمشير. تخلي جلدك علي الأرض حصير". هبطت درجات الحرارة إلي معدلات لم تحدث منذ يناير 1955 كما قال خبراء هيئة الأرصاد الجوية وصلت درجة الحرارة الصغري إلي 4 درجات ودرجة العظمي علي قمم الجبال وبعض مناطق الصعيد ودرجة الحرارة الصغري يتم تسجيلها قبل شروق الشمس مباشرة والعظمي بعد الظهر قرب العصر تقريباً..والخميس في اللغة العربية هو الجيش سمي كذلك لأنه يتكون من خمس فرق: القلب والمقدمة والمؤخرة والميمنة والميسرة..والفرائض جمع فريضة أو فريض وهي عضلة تحت الابط "العضلات الصدرية" تتقلص وترتعش عند الخوف الشديد أو البرد القارس..ومن أشهر معارك الحرب العالمية الثانية ما جري علي أرض الاتحاد السوفيتي "شمال أوروبا" خلال الشتاء 41 -1942 وفعل البرد بالجيش الالماني ما عجزت عنه الاسلحة والقوات ارتعدت الفرائس وتجمدت الأطراف وانتشرت نزلات البرد وحدث عجز في الأسلحة والذخائر فكانت الهزيمة من نصيب الجيش الالماني علي يد "جنرال البرد"..تم اطلاق اسم جمادي الأولي والآخرة لموافقتها لفصل الشتاء عند تسمية الشهور العربية في السلسلة الرابعة "الحالية" سنة 412 م منذ 1603 سنوات..كما صادف شهر رمضان فصل الصيف حيث يشتد الحر "الرمضاء" وفي المثل العربي "كالمستجير من الرمضاء بالنار". وفي القرية المصرية في أيام خلت كانت الاستعدادات تبدأ مبكراً لبرد الشتاء بتخزين قطع الخشب وفروع الأشجار وقوالح الذرة حتي اذا اقبل الشتاء وبأمطاره وبرده ظهرت قصعة النار. تجتمع حولها الأسرة طلبا للدفئ وتنعقد مجالس السمر يعدون الشاي والقهوة ويشوون البيض والبطاطس علي نارها الهادئة. وذات مرة في احدي قري الدقهلية اغلقت إحدي الاسر النافذة والباب ونفد الاوكسيجين واصيبوا بالإغماء وجاءت شقيقة صاحب البيت وطرقت الباب ولم يرد عليها أحد فدخلت وفتحت باب الحجرة فوجدتهم علي هذا الحال ففتحت الشباك وانقذتهم في اللحظات الأخيرة يقول أحد الشعراء فصل الشتا هل علينا والبرد كتف رجلينا يا هل تري مين يعطينا حاجة عشان تكسي العريان يا اللي بتلبس في هدوم صوف وفي الدفا قاعد ملفوف بص بعينك برضه وشوف وادي المعونة للغلبان يا اللي في بيتك دفاية سيبها وقوم مش معايا ها تلاقي مساكين وعرايا يحتاجوا والله للإحسان