لم تعد الإعلانات التي تعرض من خلال القنوات الفضائية.. مجرد الإعلان عن سلعة أو حتي خدمة تقدم للمستهلك.. ولكن تحولت إلي أساليب خاطئة تدخل كل بيت وتساهم في تغيير سلوك الأفراد ومن بينها التربية الخاطئة للأبناء. في إحدي القنوات.. بل قد يكون في أكثر من قناة فضائية.. إعلان عن صيانة الغسالات. تقوم بتمثيل المادة الإعلانية فيه فنانة كبيرة.. وتوجه الحديث لابنها بأسلوب يمتليء بالسخرية والتوبيخ والإهانة والتجريح.. بل وتؤكد من خلال توجيه الأوامر له بأن إصلاح الغسالة له الأولوية علي علاج ابنها. وهذا الأسلوب غير المقبول في التربية له آثار سلبية علي الأبناء وعلي المجتمع بصفة عامة. وما يحدث حالياً داخل المجتمع تناقضات كبيرة في أساليب التربية وهذه الأساليب تنقسم إلي نوعين كلاهما له أضرار بالغة علي الأبناء وعلي المجتمع. الأول هو توبيخ وإهانة الطفل.. وهو نوع من العنف الذي يلجأ إليه الآباء والأمهات بحجة التأديب والتهذيب.. إلا أنه يؤدي إلي القهر وافتقاد الطفل الاحساس بالأمان وتدمير شخصيته.. بل ويتسبب في حدوث خلل في توازنه النفسي والاجتماعي وتحويل كل ما هو جميل في حياته إلي مأساة. وكثرة التوبيخ والإهانة تجعله يسيء الظن بنفسه وبقدراته ولذلك فهو يكرر الخطأ دائماً. علماء النفس والاجتماع يؤكدون.. أن الطفل الذي يتعرض للتوبيخ المستمر يشعر بالعجز ويفقد الثقة في نفسه وفي إمكانياته وقدراته. أما النوع الثاني في التربية وهو السائد حالياً بين غالبية الأمر.. هو التدليل ويركز علماء النفس هنا.. علي أن الفرق بين الحنان والتدليل شعرة فنحن نحب أبناءنا ونريدهم أن يكونوا سعداء لا يعني أن نحقق لهم جميع رغباتهم.. فهذا النوع من الحب لا يبني شخصية الطفل بطريقة ايجابية لأن التدليل يضعف احساسه بالأمن والطمأنينة ويدفعه إلي التفكير في ذاته فقط أي يصبح أنانياً. وهناك خلط بين الاهتمام بالطفل وبين الافراط في تدليله.. ولكن هذا لا يعني أن الشدة هي البديل لنشأة الطفل نشأة سليمة. وتؤكد الدراسات أن الطفل المدلل لا يستطيع الاعتماد علي نفسه أو مواجهة مصاعب الحياة لأنه يفتقر إلي المهارات اللازمة للتغلب علي مشكلات الحياة اليومية. فكلا النوعين من أساليب التربية خاطئ ويجب تصحيحه.. ويجب علي وسائل الإعلام قبل عرض مثل هذه النوعية من الإعلانات أن تدرك مدي تأثيرها علي سلوكيات الأسر.. والتي تتسبب في آثار سلبية علي جميع أفراد المجتمع.