مع تقدم عمر الإنسان يشهد اختفاء الكثير من الأهل والاقارب والمعارف والاصدقاء بالموت وتزداد زيارة المدافن والمساجد لتقديم وتلقي العزاء وتزداد الجروح والأحزان بالقلب وتشتد بالانسان الوحدة ولا يتبقي أمامه سوي الذكريات التي في أغلب الاحيان لا تجلب السعادة وإنما الألم والمرارة. ونبكي جميعاً في وداع الراحلين بمرارة لأنهم يعيشون بداخلنا حتي وهم موتي غير مصدقين أننا لن نراهم بعد ذلك. ومع ذلك كل وفاة العزيز علينا يموت جزء منا ونغرق في بحور من الأحزان والمعاناة ويعتصر الألم قلوبنا الجريحة. ومنذ أيام انتقل شقيقي اللواء/ سامح إلي رحمة الله بعد صراع مع المرض وبعدما شاهد الموت في حرب 73 المجيدة ورحلة مرضه القاسية وكانت آلام فراقه لا تحتمل بعد أن أصابت القلب اصابة مباشرة ولكن من رحمه الله الواسعة أن كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر إلا أحزان الموت فانها تبدأ كبيرة ثم تصغر وأيضا من الله عزوجل علي الناس نعمتي النسيان والأمل. لا أحد يعيش إلي الأبد فكل نفس ذائفة الموت ولا أحد يدري متي يحين الأجل؟ ويجهل المرء ما تخبئه له الأيام وتتعدد الأسباب والموت واحد. والموت قريب منا ليس فقط بحكم التقدم في العمر أو بسبب الحوادث ولكن أيضا بسبب انتشار الأمراض الخبيثة فالورم الخبيث يجب أن يقفز ويغني ويرقص حتي يكتشفه الأطباء. يتمزق الإنسان بين الحزن علي ما مضي والخوف مما هو آت. فلا الدموع تجدي ولا الأيام تنسي فقدان الأحبة الذين غادروا الحياة فجأة واختفوا وتركونا غارقين حتي أذنينا في الهموم والأحزان. والسؤال الآن هل رحلة الحياة بنهايتها المؤكدة والحتمية وهي الموت تستحق منا كل هذا العداء والكراهية والحقد؟!. إن الإنسان لا يصبح إنساناً إلا إذا تخلص من أنانيته وأحب كل البشر فالحب يزيد الحياة بهجة وسلاماً. ويجب أن نكف عن إيذاء بعضنا البعض ولا نضخ في قلوبنا سوي الحب. واعتقد أن كل إنسان مهما كان عمره يتمني أن تضمه أمه إلي صدرها وتخفيه عن هذا العالم. وأخيراً إن التمسك بالقيم الدينية والأخلاقية يسهل ويؤمن رحلة الحياة والموت. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.