لم يعد هناك غذاء آمن .. فأصحاب المزارع السمكية الموجودة علي ضفاف الترع والمصارف وفي الأراضي المستصلحة وعلي حواف نهر النيل بفرعية دمياط ورشيد في رحلة بحثهم عن المكسب السريع يقومون بتغذية الأسماك علي مخلفات المجازر والحمير والخراف والدواجن النافقة اضافة إلي روث المواشي وبراز الآدميين. والأغرب من ذلك استخدام معظم سموم ممنوعة من عمليات الصيد لتخدير الأسماك وتسهيل صيدها رغم ان معظمها ممنوع نظرا لما يسببه من فشل كلوي وأورام كبدية واصابات متعددة في الجهاز العصبي دون ان يحرك مسئول ساكنا لوقف تلك الفضائح المدوية. والأغرب من ذلك ان يقوم المستوردون بجلب "زبالة" أسيا وأفريقيا وأوروبا للأسواق المصرية بحثا عن الأرباح الباهظة علي حساب صحة المصريين دون ان تتدخل 12 جهة رقابية ما بين وزارات الزراعة والتموين والصحة والطب البيطري وحماية المستهلك لمنع تلك المهزلة وحماية الشعب المسكين من الحلقة المغلقة التي سقط فيها رغما عنه. علي حواف الترع وفي المصارف المتواجدة بمناطق نائية ترصد عيناك سيارات كسح تفرغ حملاتها داخل أحواض سمكية متصلة بمجاري مائية تلتهم منها الاسماك فضلات الآدميين والبروتينات السكانية.. وإذا تحركت يمينا أو يسارا تشاهد مآسي أخري ما بين مزارع سمكية تغذي أسماكها علي حيوانات نافقة وأخري علي سبلة دواجن ومخلفات المزارع من بيض فاسد وكتاكيت ميتة لتباع في الأسواق علي أنها أسماك بحرية دون أن يعرف المواطن البسيط أنه يأكل الموت فتتضاعف الاصابات بالامراض القاتلة من كبد وسرطان وفشل كلوي وتقتل الاجنة ويصاب الاطفال بأمراض الجهاز العصبي. أسماك سامة يقول محمد عامر - موظف منذ عدة أعوام تسبب المزارع السمكية في طرح أسماك ملوثة بالمبيدات والكيماويات بالأسواق مما أضرت بصحتنا وضاعفت الإصابة بأمراض السرطان والفشل الكلوي وغيرها من الأمراض. يري فاروق لوقا - أن المواطن المصري يهوي أكل سمك البلطي ولكنه لا يستطيع أن يفرق بين بلطي المزارع السمكية التي يقيمها أصحابها بالمصارف والترع وبين البلطي البحري والنيلي المعروف بصفاء لحمه ونقاء رائحته عكس الاسماك التي تغذت علي المخلفات الآدمية والحيوانية وتغيرت صفاتها وخصائص لذا يجب وضع عقوبات رادعة علي كل من يغذي الاسماك بتلك السموم التي تهدد صحتنا. ويؤكد مجدي عبدالشهيد - تاجر - أن أغلب الاسماك الموجودة بالأسواق تربي بمزارع ملوثة تسببت في تغير لون السمك وشكله عن السابق حتي المذاق اختلف ويؤدي للاصابة بنزلات معوية وهذا ما اكتشفته مؤخراً بعد ما تكررت الاصابة فور تناول وجبة السمك. أعلاف من المخلفات يلتقط طرف الحديث حسب النبي عبدالغني - موظف - قائلا مربو أسماك الترع والمصارف يستخدمون أعلافا مصنعة من مخلفات الدواجن مما يعني أننا نتناول أسماكا بها سم قاتل لذا عزفت عن تناولها ويتساءل ماذا يأكل الشعب وكل يوم نسمع عن تلوث في الغذاء. ويوضح رضا البدري - بائع - انه عزف عن تناول الاسماك بسبب ما سمعه عبر وسائل الإعلام المختلفة عن تلوثها بسبب العلف وتربيتها بمياه المصارف والترع. مشيراً إلي أن هناك أنواعا بحرية لم تصل لها يد التلوث ولكن سعرها عال جداً ليس بمقدور المواطن البسيط شرائها. تري هنا عبدالباسط - ربة منزل - إنها تحاول انتقاء الاسماك الطازجة ولكنها لاحظت في الفترة الأخيرة أن لون لحمها تغير من الأبيض الناصع للداكن والغريب أو الغش أصبح واضحا. فكل تاجر يؤكد أن سمكه بلدي وليس مزارع بعدا طهيه تكتشف أنه مزارع وبالتالي تكون مضطرة لتناوله مما جعلها تعزف عن جمع الاسماك واتجهت للبدائل مثل البروتين النباتي. سيد شعبان - مدرس - يؤكد أنه أصبح مجبر علي تناول أي غذاء سام لأن كل ما يتناوله المواطن الغلبان ملوث والسمك يعد الغذاء الوحيد المضمون لخلوه من السموم ولكن طاله التلوث بسبب جشع المربيين. تغليظ العقوبات يطالب أيمن نبيل - محام - بإصدار تشريعات تجرم عقوبة إنشاء مزارع سمكية بالمصارف والترع أو بأراض زراعية بعد تبويرها وعدم الاكتفاء بتحرير المخالفات مع تغليظ الغرامات. يضيف حمدي - ماسح أحذية - أنه لم يعد يتذوق أي نوع من السمك بعد أن شاهد عددا من الصيادين يقومون بوضع طعوم سامة لتسهيل صيد الاسماك مما يؤدي لنفوق أعداد هائلة تزيد بعشرات المرات عن التي تم صيدها ويقوم في اليوم التالي بجمعها ميتة ووضعها داخل الطازجة المسمومة مباشرة لوجود قانون يمنع ذلك لذا تقام بالمستنقعات والمصارف والترع الملوثة بالصرف الصحي والصناعي والزراعي منتجة أسماكاً ملوثة لأن المياه تكون محملة بالمبيدات والعناصر الثقيلة التي تصيب الاسماك بأمراض ميكروبية وتؤثر علي حجم الانتاجية داخل المزارع السمكية والغربية أن المسئولين يكتفون بتحرير محاضر وغرامات فقط. يضيف صاحب مراكب صيد رفض ذكر اسمه أن أصحاب المزارع يعتمدون علي تغذية الاسماك بمخلفات الدواجن ما يسمي بالسبلة والحيوانات النافقة بسبب ارتفاع اسعار العلف مما يؤدي إلي تلوث الاسماك وتغيير طعمها وتأثيرها الضار علي صحة الإنسان محذرة من هذه الممارسات غير الصحية. حيث إن هذه الدواجن والحيوانات الميتة نفقت بسبب عدوي ميكروبية وبالتالي فإن هذه العدوي تنتقل إلي الاسماك ومنها إلي الإنسان كما أن هناك صيادين يقومون بالقاء أسماك الزريعة بالمصارف وعمل شباك خصيصا لها وبعد نضجها بهذه المياه الملوثة يقومون باصطيادها وغسلها بالمياه النظيفة وبيعها في الأسواق للمواطنين مما ينذر بكارثة محققة لما تسببه من أمراض. يعترف الدكتور محمد الجزار - رئيس هيئة تنمية الثروة السمكية الأسبق - أن ممارسة الاستزراع السمكي في المصارف غير شرعية إلا فيما ندر. فهناك استزراع كمقاومة بيولوجية للمصارف حيث يتم زراعة أنواع معينة تتغذي فيها علي أعشاب هذه المصارف وهي زراعة سمكة مبرو الحشائش بالتنسيق مع وزارة الري كشريك في هذه المقاومة مما يجعل السمك آمنا ولكن للأسف هناك العديد من الممارسات الخاطئة التي تتم بالمصارف والترع منها إلقاء مخلفات المصانع والصرف الصحي ومخلفات الصرف الزراعي لعدم قيام الوزارات المعنية بدورها لمنع هذه الانتهاكات غير الشرعية والتي ترتكب بالمياه ومن هنا تأتي الخطورة أما تنمية الثروة السمكية بالاستزراع في المجاري المائية اتجاه عالمي لما للاسماك من قيمة غذائية عالية ولكن الخطورة تكمن في الملوثات وهنا يجب تضافر كل الجهات من الوزارات المعنية مثل البيئة والري لمنع وصول التلوث للسمك أما اتهام هيئة تنمية الثروة السمكية باستزراع سمك مسموم غير صحيح فمن المفترض أن مياه النيل والترع والمصارف نظيفة وبيئة صالحة لنمو الاسماك. الدكتور فوزي الشوبكي - أستاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث - يؤكد أن الاسماك بصفة عامة تتأثر بالبيئة الموجودة فيها سواء كانت في بحار مطلقة أو أنهار جارية أو مستنقعات وبرك خاصة إذا احتوت أو أضيف إليها عنصر معين سام مثل الخارصين والزرنيخ والماغنيسيوم الموجود بالصرف الصناعي وتتركز بالمياه مركبات وأحماض عضوية يؤثر علي الاسماك أما اسماك البرك والمستنقعات المحتوية نسبة تلوث عالية لكونها مياه راكدة لا تتجدد ولأن السمك كائن حي يتأثر ببيئته فإنه يتسبب في انتقال نوع من هذه الملوثات سواء كانت عضوية مثل بقايا المبيدات الزراعية والتي تتحد مع الحامض النووي "DNA" وتسبب أمراضا السرطان. أو غير عضوية مثل المعادن الثقيلة منها القصدير والزئبق والافلاوتوكسينات السامة للإنسان من خلال تناوله والتي تخزن بالكبد وتسبب أمراض عديدة مثل التهاب الكبد الوبائي والفشل الكلوي والسرطان كما أن وجود تركيزات عالية من الامونيا والنترات والاكسجين الحيوي الممتص والمستهلك كيماويا "أي تلوث كيماوي وبكتريولوجي" تسبب أمراض سرطان القولون وهذا بالاضافة لأمراض نفسية وعصبية ناهيك عن تعرض السمك لملوثات ميكروبية إثر تناول مخلفات الدواجن والحيوانات النفاقة وتسبب لمن يتناولها أمراضا عديدة مثل الاسهال أو القيئ أو إغماء وحالات تسمم والاصابة ببكتريا "أي كولاي".