في الوقت الذي تبارت فيه وسائل الاعلام الخاصة المرئية و المقروءة في محاولة لإظهار ان هناك عزوفا كاملا من الشعب عن المشاركة في المرحلة الاولي من الانتخابات البرلمانية اجدني اختلف عنهم في كثير مما جاءوا به . برغم تحفظي بلا شك عن عدم مشاركة قطاع كبير من الشباب في تلك الانتخابات ولهم عذرهم في ذلك ... ويأتي اختلافي مع هؤلاء من خلال استعراض نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية السابقة منذ عشرات السنين حيث لم تتجاوز نسبة تلك المشاركة منذ عام 1995 وحتي عام 2011 ما بين 20% إلي 25% و هنا اذكركم ايضاً بنسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشوري اثناء حكم الاخوان البغيض حيث لم تتجاوز تلك النسبة 7% ... اذن فالصورة ليست قاتمة كما تحاول بعض الاقلام ترويجها داخلياً و خارجياً. ومع ذلك فإننا يجب ان نشير إلي ان المأمول من المشاركة الشعبية الفاعلة لم يتحقق بالقدر المطلوب ويرجع ذلك للعديد من الاسباب لعل من اهمها: - غياب الشباب عن المشهد الانتخابي لشعورهم بانتهاء دورهم في اعقاب يناير 2011 وعدم اهتمام غالبية الاحزاب بضمهم إليهم للاستفادة من طموحاتهم و اندفاعهم الايجابي لتحقيق اهداف يناير ويونيو 2013 وهو ما دفع العديد منهم إلي انشاء كيانات شبابية تحت مسميات مختلفة مثل ائتلاف يناير. وشباب من اجل مصر... إلخ من تلك التجمعات التي سرعان ما تنهار لعدم وجود الدعم المادي واللوجيستي المقدم لها. - ان التجارب السابقة للانتخابات البرلمانية لم تكن تحقق طموحات الشعب بقدر ما كانت تحقق اطماع المرشحين.. فلم تكن تعلن نتائج الانتخابات حتي يتباعد المرشح عن تحقيق مطالب وطموحات ناخبيه وذلك لتعويض الملايين التي كان ينفقها في دعايته الانتخابية. - تلك الحيرة التي وضعت الشعب في موضع الارتباك من كثرة اعداد المرشحين والقوائم واستبعاد البعض والموافقة علي البعض الاخر قبيل فتح باب الانتخابات بساعات قليله... مما ادي إلي وجود حالة من التخبط والحيرة دفعتهم إلي الابتعاد عن المشاركة من اساسه. تلك بعض الاسباب التي ادت و لاشك إلي قلة عدد الناخبين نسبياً.. ولكن هناك مشاهد ايجابية يجب ان نشير إليها ايضاً علي ضوء نتائج المرحلة الأولي ولعل من اهمها: - فشل التيارات المتأسلمة في تحقيق اي نجاحات مؤثرة سواء بالنسبة للقوائم او الفردي في إشارة إلي عودة الوعي القومي للشارع المصري وعدم القبول مرة اخري بتلك الفترة الظلامية التي سادت فيها الفاشية الدينية وبإذن الله بلا عودة. - ظهور احزاب جديدة لا تعتمد علي المال السياسي و لا تضم وجوهاً محسوبة علي اي تيار او فصيل ومن ابرزها حزب مستقبل وطن وحزب حماة الوطن والتي افرزت شخصيات مقبولة لدي الشارع المصري برؤيته الجديدة للحياة السياسية التي يأملها في بلاده. - ان اعداد الاقباط التي حققت نجاحات في الجولة الاولي كانت غير مسبوقة حتي انه قد بلغت في محافظة المنيا وحدها عشرة مرشحين من اصل 27 مرشحاً في اشارة إلي ايجابية جديدة تحققت في الشارع المصري برغم ما يحاول البعض ترويجه اننا انتهينا من مرحلة الاخوان المسلمين إلي مرحلة الاخوان المسيحيين وذلك لتأجيج المشاعر ومحاولة احداث الوقيعة بين فصيلي الامة. - ان كثرة عدد الطعون التي قدمت في نهاية المرحلة الاولي يدل بوضوح علي اهتمام المرشحين علي ان يكون لهم دور في المرحلة القادمة والتي سوف ترسم الخريطة السياسية للبلاد خلال السنوات القليلة القادمة. لقد شاركت في العديد من المؤتمرات و الندوات الانتخابية واعلم جيداً ان هناك مناطق تعيش تحت خط الفقر وان المال السياسي يؤثر فيهم تأثيراً كبيراً وان الانتخابات بالنسبة لهم تمثل احد مصادر الرزق الذي لا يتكرر كثيراً ولا يهم بعد ذلك اذا كان المرشح سوف يحقق مطالبهم من عدمه فقد سدد لهم ثمن اصواتهم مقدماً. وبالرغم من ذلك فانني ما زلت اراهن علي وعي هذا الشعب وعلي رغبة الشباب في تحقيق اهداف ثورتي يناير و يونيو واطالبهم بضرورة التفاعل السياسي خلال تلك المرحلة والتعامل بجدية في العملية الانتخابية حتي لو اقتضي الامر إلي اخذ عهود و مواثيق مكتوبة من المرشحين بتحقيق طموحاتهم و مطالبهم... مصر يا سادة لم تعد ملكاً لفرد او لفصيل او لجماعة... انها ملك لنا جميعاً.. دققوا في المرشحين.. جادلوهم وناقشوهم واستبعدوا من ترون انه غير جدير بشرف تمثيلكم حتي من قبل ان تذهبوا إلي صناديق الاقتراع... هذا حق لكم وواجب عليكم.. و تأكدوا ان الاختيار الصحيح هو بداية النجاح.. وتحيا مصر.