تنامت التوقعات خلال انعقاد اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي التي عقدت في بيرو بين خبراء المال والاقتصاد والأعمال من مختلف دول العالم بحدوث أزمة مالية عالمية علي غرار ما حدث في أسواق شرق آسيا من انهيارات كبيرة في عملاتها والأسهم والسندات بها تسعينيات القرن الماضي وكانت أسعار الفائدة والقرار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والذي يعد بمثابة بوصلة الاقتصاد العالمي إلي جانب مثلث برمودا صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية بتحريكها إلي الأمام مما أربك الحسابات المعقدة أصلا للعديد من الدول سواء الغنية منها أو تلك التي تنتمي إلي دول العالم الثالث في ظل وجود توترات اقتصادية لا سيما مع تخفيض الصين لعملتها وانتقالها إلي نموذج جديد للتنمية يبتعد إلي حد كبير من التصدير لتوجيه الانتاج الضخم الذي تمتلكه للسوق المحلي في إطار جهودها لرفع معدلات النمو بها وكذلك انخفاض أسعار النفط عالميا والسلع الأولية وهذا ما حذرت منه كريستين لاجارد مدير صندوق النقد الدولي ان مثل هذه الأوضاع ستؤثر علي البلدان الأخري في العالم فيما يتعلق بحجم التجارة وأسعار الصرف وأسواق الأصول وتدفقات رأس المال وتداعيات ذلك علي الجميع في ظل تراجع معدلات النمو لاغلب الأسواق الأوروبية وازدياد أزمة الديون اليونانية والأصوات العالية التي بدأت تظهر وتطالب بالانسحاب من منطقة اليورو ولا شك أن هناك ارتباطا وثيقا بين أسعار الفائدة ومعدل النمو السنوي أشبه بعلاقة طردية كلما زاد النمو كان هناك تحريك لأسعار الفائدة للأمام والعكس صحيح وهذا ما حدا بالبنك المركزي المصري ان يثبت من أسعار الفائدة المصرفية في ظل تراجع معدل النمو السنوي للدخل والناتج القوميين والذي تطمح الحكومة أن تصل به إلي 4% بنهاية العام مع زيادة الاستثمارات المتوقعة بنهاية المرحلة الثالثة من خارطة الطريق وهي إجراء الانتخابات البرلمانية والتي ستعد بمثابة طوق النجاة الحقيقية للاقتصاد المصري بعد أن تفعل التعهدات المالية التي سبق وأن قطعتها دول ومنظمات مالية واقتصادية كبري علي نفسها أثناء انعقاد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي عقد في شهر مارس الماضي.. وذلك علي الرغم من ارتفاع معدلات التضخم والتي تهدد مستويات معيشة المواطن المصري لانها تؤدي إلي تآكل القوي الشرائية المحدودة لدخله ومدخراته وتزيد من الأوجاع الاجتماعية لمحدودي الدخل والفقراء.. وأري أن قرار البنك المركزي بعدم تحريك أسعار الفائدة للأمام يصب في خانة عدم زيادة العجز في موازنة الدولة والذي أدي إلي طلبه اقتراض ثلاثة مليارات دولار من البنك الدولي وتسديده علي ثلاث سنوات من أجل سد هذا العجز وبالتالي يجب أن نخرج من هذا النفق المظلم بزيادة معدلات الانتاج ودوران عجلته في المصانع والمزارع وتفعيل قرارات حوافز الاستثمار بتطوير عقلية أدوات تنفيذه بدءا من الموظف وحتي المدير لاحياء منظومة الشباك الواحد لعدم هروب المستثمرين سواء في الداخل أو الخارج لأن مصر في حاجة ماسة لكل جنيه يستثمر من أجل تحقيق طفرة انتاجية تساعد علي زيادة معدل النمو والتشغيل والتصدير والذي يعد بمثابة قبلة الحياة للعملة الوطنية التي تدهورت أمام الدولار وباقي سلات العملات الأجنبية الأخري ولا شك أن حماية الجنية المصري سيكون كفيلا لمواجهة أي أزمات مالية عالمية محتملة مثل تلك التي توقعها المشاركون في اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين في ليما عاصمة بيرو فقط علينا أن نبني علي أسس صحيحة وقواعد انتاج صلبة تستطيع أن تصمد في مواجهة المنافسة العالمية في الأسواق حتي لا نتوه في أزمات اقتصادية نحن في غني عنها وللحديث بقية بإذن الله.