كان نصر أكتوبر في عام 1973 ملحمة بطولة شارك فيها الشعب مع الجيش وكانت إرادتهم جميعا قوية لتحقيق النصر واسترداد الكرامة للمقاتل المصري الذي نال الهزيمة بلا قتال في "5 يونيه 1967" وكان قرار الانسحاب من المعركة هو السبب الرئيسي للنكسة التي حطمت روح المقاتل المصري وشرخت نفوس الشعب لكن إرادة النصر حررت سيناء من العدو الاسرائيلي في غفلة غرور اصابته. وحنكة سياسية لرئيس مصر الراحل أنور السادات الذي فضل أن يظهر في صورة القائد المتردد في قراراته ليخدع العدو ويخفي عنه موعد الحرب الذي اتخذه في الثانية وخمس دقائق ظهر السادس من أكتوبر ليعبر الجيش المصري الشجاع قناة السويس ويفتح ثغرات في خط بارليف ويقاتل بكل فروع أسلحته فينتصر بعد هزيمة ونحتفل بعودة سيناء لمصر نتيجة شجاعة هؤلاء الأبطال في هذه الحرب المقدسة. وها نحن اليوم نواصل الاحتفال بمرور الذكري الثانية والاربعين وقد تخلصنا ايضا في سيناء من الارهابيين وطهرناها من المتطرفين بعد معارك "حق الشهيد" وسيواصل جيشنا مع الشرطة مكافحة الارهاب لننعم نحن المصريين بالأمن والأمان. ونبدأ بعد مشروع قناة السويس الجديدة مشروعات قومية أخري تضع مصر في مصاف الدول المتقدمة ويعيش أبناء الشعب مستقبلا زاهرا بالعمل الجاد المثمر. لقد احتفلت إدارة الشئون المعنوية مع اتحاد الاذاعة والتليفزيون بهذا الانتصار المجيد وتم نقل الحفل الذي أقيم في الكلية الحربية صباح الاثنين الماضي علي القناة الأولي بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي وضيف مصر الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي. وقادة الجيش المصري وكبار رجال الدولة وكان الوفاء للرئيس السادات متمثلا في حضور زوجته السيدة جيهان السادات وابنه جمال الحفل اعترافا بدور الرئيس في هذا النصر العظيم كما كان الوفاء للمشير طنطاوي الذي حياه الرئيس منفردا لقراره بتأهيل الجيش طوال عشرين عاما بقدرة اقتصادية نتيجة صرف نصف الراتب لكل رجال القوات المسلحة ليتمكن الجيش من النصف الباقي تدبير احتياجاته العسكرية ولأن مصر لا تنسي كل من كان له دور مهم في قيادة مصر كانت الاستضافة للرئيس السابق عدلي منصور ورؤساء وزارات سابقين مثل المهندس إبراهيم محلب والدكتور كمال الجنزوري ولم ينس القائمون علي تنظيم الحفل أسرة الرئيس جمال عبدالناصر لأن حرب الاستنزاف في عهده كانت هي السبيل للنصر في .1973 وأعود إلي الاحتفال الذي كان مبهجا فنيا بأغنيات كورال الأطفال والشباب كلماتها كانت معبرة عن روح الأمل والتفاؤل والاعتراف بفضل المقاتلين من رجال القوات المسلحة ممن لازالوا علي قيد الحياة من المشاركين في النصر أو المصابين والشهداء الذين ضحوا بأرواحهم ويستكمل أبنائهم المسيرة في حب مصر ويأتي استعراض الأسلحة المختلفة التي يمتلكها الجيش والتدريبات القتالية للجنود والاستعراضات الجوية لسلاح الطيران لتؤكد أن المقاتل المصري خير أجناد الأرض وبإرادته القوية وحبه لمصر سيحافظ دائما عليها ويحمي أرضها وشعبها وستظل روحه فداء لها. وأعود بذاكرتي إلي عام 1971 حينما كنا طلاباً في جامعة القاهرة شباباً كلنا حماس ورغبة في استعادة كرامة الجندي المصري وأرضنا المحتلة فنشارك في المظاهرات لاستعجال الحرب ويمر العام ونشعر بالخزي لأن الرئيس السادات لم ينفذ قراره بالحسم ثم يحل عام الضباب 1972 ويمر أيضا دون نتيجة تشفي غليل قلوبنا وتؤكد بطولة رجال القوات المسلحة ثم يكون السادس من أكتوبر 1973 موعدا للنصر علي العدو بخطة حربية تدرسها أكاديميات العالم العسكرية حتي الآن نفذها قادة وجنود الجيش الأبطال. كما كان الانتصار ثمرة لتلاحم الشعب ووقوفه وراء الجيش كتلة واحدة وكما قال الرئيس السيسي في الاحتفال إن مصر بفضل الله لن تعود إلي زمن الهزيمة والانكسار ولن يستطيع أحد أن يمسها بسوء ولابد أن يبقي الجيش قادرا علي الدفاع عن الوطن وحفظ الأمن القومي العربي.