مثلما أنه شهر التقوي والورع والعبادة.. وأيامه كلها نفحات وكرامات.. فإن رمضان عمل وإرادة وعزيمة.. وأوقاته جميعها سعي واجتهاد ونشاط.. من أجل نيل المكافأة الكبري.. والحصول علي الجائزة الغالية.. والفوز بهداياه العظيمة.. إذ يكفي أن أوله رحمة. وأوسطه مغفرة. وآخره عتق من النار. حصد نفحات الشهر الكريم.. يستلزم أن تعلو وتسمو النفس.. وتتصالح مع ربها ونفسها ومن حولها.. وينبغي أن تستعد لاستقباله بالتوبة النصوح.. وباستحضار الهمة والعزم علي السير في طريق الاستقامة.. وبالالتزام بالقيم والأصول.. وبالتمسك بالأخلاق والمبادئ.. وبوضع السدود والحواجز.. أمام قرناء الغواية والمعاصي والآثام!! نيل الجائزة.. يستوجب أن يعلن الإنسان تطهره.. ويعيد الحياة لضميره.. ويتودد إلي الله بالعمل الصالح وفعل الخيرات.. ويتقرب منه بأداء الفرائض والقوافل والسنن بإخلاص ويقين تام.. ويسعي لإرضاء الناس.. بكف الأذي عنهم.. وأداء مصالحهم.. وقضاء حوائجهم.. وبإعلاء قيم التكاتف والتضامن!! استثمار فضائل الشهر الكريم.. لن يكون بالجلوس أمام البرامج الراقصة والمبتذلة.. ولا بمتابعة الحشد الهائل من المسلسلات المشحونة بالألفاظ الخارجة. والمشاهد المروعة. والقصص الخيالية. والحوارات الهابطة.. وإنما بتزكية النفس. وحفظ اللسان من الفتنة والنميمة.. وبنبذ الصراعات.. وبوأد الفتن. وبنزع الحقد والغل.. وبالترفع عن الصغائر.. وبالسلوك الرفيع. واحترام الآداب العامة. والحريات المسئولة. مضاعفة الحسنات. لن يحدث بالاسترخاء والتكاسل.. وتعطيل مصالح المواطنين.. ووقف ماكينات الإنتاج.. بل بالجد والتعب والعمل والإتقان.. وبتقوية العزيمة والإرادة.. لإنهاء وتلبية احتياجات الناس.. وزيادة الإنتاج ومضاعفة الإنجازات.. والمساهمة في تعلية الصرح. وتثبيت دعائم الاستقرار والسلام الاجتماعي. التطلع إلي الرحمة والمغفرة من رب العباد.. تأتي من خلال أداء أي إنسان لواجبه بإخلاص وتفان.. كل في مكانه ومجاله.. وعن طريق قيام كافة الأجهزة والمصالح بمهامها كما ينبغي.. فتشتد الرقابة علي الأسواق.. ويتم مواجهة الجشعين بحسم وصرامة.. ويسود التأمين الميادين والشوارع.. ويتضاعف العطاء ويتحسن الأداء بالمشاركة والساهمة في الحفاظ علي صروح ومؤسسات الوطن.. وبالتأكيد سوف تنهمر قطرات الخير.. إن خرج الشباب من طوابير العاطلين والمتطرفين.. وانضموا إلي كتائب الإصلاح والبناء والتنمية.. وإن اختفت مظاهر البلطجة وحوادث الفتونة.. وإذا تحكمت عناصر المودة والمحبة بين أبناء البلد الواحد. الفلاح والرضا في الشهر الفضيل.. تظهر بوادره.. من خلال إرساء قواعد العدالة والإنصاف والمساواة بين الجميع.. وبخضوع الكبير قبل الصغير أمام القانون.. وبنشر مظلة الأمان في كافة القري والنجوع.. وبتوفير أبسط مقومات المعيشة الكريمة للمواطن الغلبان.. وبامتداد نواحي الرعاية الاجتماعية والصحية لتشمل جميع الفئات دون استثناء. إنها فرصة لكي يمحو الإنسان ذنوبه.. وينهل من الحسنات وينعم بالكرامات.. ويتذوق ويستطعم حلاوة الإيمان والصدق في شهر النفحات. وموسم الخيرات.. شريطة أن تصحو النفس.. ويستيقظ الضمير.. وينجلي الصدر.. ويتطهر القلب.