لم أر السيد علاء مبارك في حياتي سوي مرة واحدة منذ عدة سنوات قبل ثورة يناير وهي حين تصادف دخولي أثناء انصرافه من كنيسة العذراء بالزمالك بعد تقديم واجب العزاء للمهندس نجيب ساويرس في وفاة عمته السيدة سميحة ساويرس وكان يسير وسط حراسة مشددة وملفتة للنظر ترافقه إحدي السيارات المخصصة لذلك أما السيد جمال مبارك فقد التقيته في الكثير من المناسبات التي حضرتها بحكم عملي الصحفي وقد أتيحت لي الفرصة للحوار والحديث معه أكثر من مرة ومن بينها ليلة إجراء الانتخابات الرئاسية في شهر سبتمبر من عام 2005 حين كان يستعد للانصراف من مقر الحملة الانتخابية للرئيس مبارك بمصر الجديدة وكان الرجل يحرص أيضاً علي المشاركات الاجتماعية ومنها أن شارك في نفس العزاء المذكور الذي سبقه إليه شقيقه الأكبر وإن كان قد حضر بعده إلا أنه لم يغادر القاعة إلا بعد أن انتهي العزاء تماماً. الشاهد أن الرجلين يهتمان بالمشاركة والتواجد الأول من خلال "البيزنس" والثاني بالعمل السياسي المباشر الذي تحطم علي "صخرة" ثورة 25 يناير التي وضعت نهاية لمشروعه الواضح لقيادة مصر وربما رئاستها حتي ولو أقسم بأغلظ الإيمان أنه لم يكن يخطط لذلك وفي مأثوراتنا ما يعبر عن ذلك: أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أمورك أستعجب. الشقيقان علاء وجمال عاودا الظهور مرة أخري بعيداً عما اعتدنا عليه طيلة الأعوام الأربعة الماضية داخل أقفاص المحاكم وتواجدا في قاعة مناسبات مسجد عمر مكرم مساء الجمعة 10 ابريل 2015 لتقديم العزاء للكاتب الصحفي مصطفي بكري في وفاة والدته.. الأمر الذي يثير تساؤلات: ماذا يريد الرجلان؟ وهل الظروف الحالية تسمح لهما بالظهور الإعلامي بعد 4 سنوات من الثورة التي وضعت نهاية لأحلامهما؟ الزميل مصطفي بكري قال إنه فوجئ بوجود علاء وجمال في سرادق عزاء والدته وأن العرف في العزاء شيء والموقف السياسي شيء آخر.. وهذا كلام منطقي وسيلم 100% ولكن المؤكد أن شيئاً ما كان يدور بخلد نجلي الرئيس الأسبق وهما يعلمان أن الرأي العام المشغول بمحاكمات نظام والدهما لن ينساهما بسهولة والمؤكد أيضاً أنهما يعلمان أن إخلاء سبيلهما الذي تصادف أن حدث في الذكري الرابعة للثوورة لا يعني نهاية المطاف في سلسلة القضايا التي يواجها وإذا أنهما لم يحصلا علي حكم بات فيما يحاكمان فيه مع والدهما وأن إخلاء السبيل جاء بعد أن استنفدا الحد الأقصي للحبس الاحتياطي كما أن هناك قضية أخري لم يصدر فيها حكم أول درجة حتي الآن وهي "التلاعب في البورصة" فضلاً عن أسرة مبارك بالكامل ممنوعة من السفر ومتحفظ علي أموالها.. إذن لماذا يسبق علاء وجمال مبارك الأحداث التي لم تصل إلي نهايتها بعد ويتعجلان الظهور العلني؟ وفي أي مكان؟ في مسجد عمر مكرم الذي يقع في أحد أطراف ميدان التحرير الذي شهد انطلاق الشرارة الأولي لثورة يناير التي أنهت حكم "عائلة مبارك" ووضعتها خلف القضبان. ربع ساعة فقط جلسها الشقيقان داخل قاعة مناسبات "عمر مكرم" غيرت الموازين الصحفية وجعلت عزاء والدة مصطفي بكري يقفز من مكانه التقليدي في صفحات الوفيات إلي صدر صفحات الأخبار. والعجيب أنهما لم يلتزما بنصيحة والدهما بالابتعاد عن أضواء الإعلام.. فهل هو الحنين إلي حياة الأضواء التي حرما منها قبل 4 أعوام وها هما يستعدان لها بعد أن استنشقا نسمات الحرية حتي ولو لم تكن مكتملة خارج أسوار طرة؟ أما الأكثر عجباً أن ظهور نجلي الرئيس الأسبق تسبب في حالة تدافع شديدة عليهما سواء داخل قاعة المناسبات أو لدي مغادرتهما للمكان الأمر الذي يطرح من التساؤلات أكثر مما يقدم من الإجابات. حتي أن مواطناً اندفع نحو جمال وهو يغادر في سيارته قائلاً له: "شعبيتك بانت يا زعيم يا ابن الزعيم".. وأخطر هذه التساؤلات: ماذا حدث للمصريين؟ هل أصبحنا شعباًً من المنافقين؟ أم أنه الحنين لعصر مبارك رغم أننا نعيشه بالفعل ومفرداته لم تنته بعد؟