حاجة الأوطان والمجتمعات إلي تنمية المال واستثماره في الأوجه الجائزة شرعا فريضة إسلامية. علي الفرد والمجتمع والدولة أن يقوم بها. ليحصل كل فرد علي مقومات الحياة الأساسية التي لا بقاء له بدونها. ينهض بها المجتمع. وتتقدم الدولة والأمة. إذ لا يتحقق السلام المجتمعي بدون التنمية. وتتضافر النصوص من القرآن والسنة علي أهمية تشغيل المال في المجالات المتنوعة الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية. منها ما يشير إلي التنمية الزراعية كقوله تعالي "هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها" هود/61" اي طلب منكم عمارتها والعمارة بالتنمية الزراعية. يكلف بها كل قادر عليها متي أمكنه ذلك في كل زمان ومكان وفي كل حال. وهو المراد من قول الرسول -صلي الله عليه وسلم" إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة- شتلة نخل- فاستطاع أن يغرسها. فليغرسها فإن له بذلك أجراً. كما تكون التنمية بالصناعة. وتحويل المادة الخام إلي مادة مصنوعة بأشكال مختلفة في أغراض متنوعة وهو ما أشار إليه القرآن في مادة الحديد باعتباره أصل الصناعات: "وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس" الحديد/ 25". وفي قوله: "وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون" الأنبياء/ 80". وكذلك تكون التنمية بالتجارة بقول الرسول - صلي الله عليه وسلم- تسعة أعشار الرزق بالتجارة" فهي مادة للكسب والربح منذ القديم وفي العصر الحديث. والاستثمار واجب حتي في مال اليتيم وجه إليه الرسول -صلوات الله عليه وسلم- "ألا من ولي يتيما له مال فليتجر فيه ولايتركه حتي لا تأكله الصدقة". وفي سبيل تشغيل المال في المشروعات التنموية المتعددة. ينبغي بذل الجهود العقلية والمادية لتعظيم الاستثمار باستخدام الأساليب التكنولوجية واليدوية الموصلة إلي تحقيق أكبر تنمية ممكنة في ضروب الاستثمار المشروعة. والاستثمار في الشريعة يعد واجبا ورأسا في تنمية المال. سواء بالاستثمار المباشر. أو بالمشاركة بالمضاربة أو الاستصناع أو المرابحة أو المزارعة أو المساقاة أو غيرها من المعاملات التي تقوم علي توظيف المال في الصور المختلفة. وهذا المنحي في استثمار المال بقصد التنمية والحصول علي الربح. يختلف عن الاستغلال في النظام الرأسمالي بواسطة اقراض المال للحصول علي الفائدة المتولدة من النقد مقابل عنصر الزمن. لأنه كسب خبيث يقوم علي استغلال حاجة المضطر بدون عمل ولا بذل جهد ويؤدي إلي تكريس العوز لدي المهمشين والمحتاجين. علي النحو الذي يجعل الغني أكثر غني والفقير أشد فقراً. وبهذا النظر الإسلامي لدور المال واقترانه بالعمل طلبا للربح المشروع اعتماداً علي المخاطرة وانتظار لما يرزق الله به من العائد الحلال هو شرعة الله في المال الذي يرفض نظرية النقد يولد النقد. وأنه بفائدة مقابل الزمن باعتباره كسبا خبيثا. يضاد طبيعة الأشياء. أما الكسب المشروع فيتم بالعمل في المال وتشغيله في مشروع انتاجي يعود بالربح الحلال.