في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات لم تعد الحرب الآن باستخدام الأسلحة فقط كما كانت في الحروب التقليدية وإنما ظهرت أشكال متطورة للحروب ترتكز في مجملها من خلال بعض الأساليب علي الهدم من الداخل وهو ما يطلق عليه الجيل الرابع من الحروب باستخدام وسائل الاتصال الحديثة والشائعات والحرب النفسية. وفي حقيقة الأمر فقد ذكر الرئيس عبدالفتاح السيسي الجيل الرابع من الحروب أنه أخطر أنواع الحروب ومصر تعانيه الآن وهو الأمر الذي يستلزم مواجهته من خلال تلاحم قوي المجتمع بزيادة الوعي الفكري لدا الأفراد لدرء هذه المخاطر علي المجتمع. ويعد الجيل الرابع من الحروب من الأشكال الجديدة للحروب والذي يعني الحرب بالإكراه لإفشال الدولة وزعزعة استقرارها ثم فرض واقع يراعي مصالح العدو حيث تمت تجربة هذا الجيل في كل من فنزويلا والمكسيك. فبعد أن ظهر الجيل الأول من الحروب في الفترة من عام 1648 حتي عام 1860 والذي كان يتعلق بالحروب التقليدية بين الجيوش النظامية ظهر الجيل الثاني بواسطة الجيش الفرنسي بعد الحرب العالمية الأولي وذلك بتطور استخدام الدبابات والطائرات. وفي ظل تطور أجيال الحروب ظهر الجيل الثالث علي يد الجيش الألماني وهي الحرب وراء خطوط العدو يطلق عليها الحروب الوقائية كالحرب علي العراق والتي تميزت بالمرونة والسرعة في الحركة واستخدم فيها عنصر المفاجأة. واستكمالاً لمسيرة تطور الحروب ظهر الجيل الرابع عام 1989 والذي يهدف إلي تفتيت مؤسسات الدولة والعمل علي انهيارها. وتعتمد هذه الحروب علي التقدم التكنولوجي وعلي مجموعات قتالية صغيرة الحجم واستخدام بعض الأساليب كالاعتداء علي المنشآت العامة والخاصة واستخدام منظمات المجتمع المدني والمعارضة والعمليات الاستخبارية. وتتمثل وسائل حروب الجيل الرابع في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي من أجل القيام بعمليات الحشد والتعبئة وبث الشائعات بفرض زعزعة الاستقرار وتفكيك روابط الدولة. وعلي ضوء ذلك تبرز أهمية مواجهة هذا الجيل الرابع من الحروب من خلال العمل علي تحقيق الآتي: 1- إعادة البناء الداخلي للمجتمع. 2- التعاون بين الحكومات والمنظمات الدولية. 3- تأهيل الإعلام ليقوم بدور رئيسي نحو تحليل الرسائل الإعلامية بصورة تخدم الواقع المحلي. 4- بناء وتأهيل الشباب القادر علي مواجهة الحرب الإلكترونية. 5- تحقيق الأمن الثقافي من خلال الوعي الفكري للأفراد. 6- التحليل العلمي للأحداث المحلية من خلال مؤسسات متخصصة لتبصير الرأي العام بعيداً عن الشائعات التي يمكن أن تبثها بعض وسائل الاتصال الجماهيري. نخلص من ذلك إلي أن حروب الجيل الرابع تتميز بتركزها علي الدور الاستخباراتي وزيادة أهميته عن الاشتباك العسكري فلم يعد القضاء علي العدو في صورته العسكرية هدفاً رئيسياً ولكن تحول إلي القضاء علي الإرادة القتالية باستخدام بعض الوسائل من خلال موقع التواصل الاجتماعي للوصول إلي المعلومات بسرعة ودقة والاستخبار البشري وبث الشائعات وتجنيد العملاء في الدولة المستهدفة. وأن مواجهة هذا الجيل الرابع من الحروب يقتضي تحقيق التلاحم الاجتماعي بين قوي المجتمع للمحافظة علي كيان الدولة.