نوهنا في المقال السابق إلي أهمية استكمال البنية التحتية ودورها في تشغيل المجتمع وارتباطها بالخدمات والمرافق الضرورية التي تشجع الاستثمار وتدفع الاقتصاد الوطني نحو الصعود. وهو مالم يتحقق لا كليا ولا جزئيا أثناء حكم نظام مبارك لمدة ثلاثين عاما. رغم انه كان يملأ الدنيا ضجيجا بأن موارد البلاد طيلة فترة حكمه استنزفت في مشاريع البنية التحتية من المياه والصرف الصحي والكباري والطرق والكهرباء وغيرها. ثم اكتشف الشعب المصري أنها الكذبة الكبري وعلم بالتجربة ان شبكات الصرف الصحي لاتغطي سوي 40% فقط من قري مصر وأن مياه الشرب- إن وجدت- ملوثة بالمجاري والرمال والحصي. وهذا يستلزم جهدا خارقا وأموالا طائلة من ميزانية الدولة لكي تدخل في سباق مع الزمن لانجاز تلك المشاريع التي لاغني عنها لأي دولة صغيرة ولا كبيرة. ولا معني للتنمية والتقدم بدونها. إن ما يتعرض له العالم ومصر من شح في مصادر المياه وعدم كفايتها يجعلنا نتساءل: هل تقف مؤسسات الدولة علي حجم المسئولية الملقاة علي عاتقها لتحقيق طموح الشعب في كوب ماء صالح للشرب وبيئة نظيفة غير ملوثة؟ وهل يدرك المسئولون في مؤسسات الدولة وقطاعاتها المعنية بالخدمات والمرافق مثل هيئات وشركات مياه الشرب والصرف الصحي أهمية سرعة الانجاز والدقة والضمير الحي في الاداء؟ وهل يقدر هؤلاء الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها ميزانية الدولة والتحديات التي تواجهها من أجل توفير ميزانيات لتلك القطاعات؟ وهل فكر أي منهم في حسن تدبير المتاح وتوفير أية مصروفات زائدة ووقف الهدر المقصود أو غير المقصود بالاهمال والتراخي؟ كنت اتمني ولكن يبدو ان التمني يحلق في واد وهؤلاء يعيشون في واد آخر. إن هذا المقال لايعني ان بيروقراطية الفساد الاداري في الهيئة القومية للمياه والصرف الصحي تقع حصريا في محافظات الوجه البحري وحدها بل تشمل محافظات الوجه القبلي أيضا. ولذلك سأكتفي في هذا المقال بإحدي محافظات الوجه البحري باعتبارها نموذجا للاهمال والتجاهل وانعدام المسئولية. فالهيئة القومية لمياه الشرب والصرف الصحي بالغربية تغط في سبات عميق بعيدا عن جميع التساؤلات المطروحة. حيث يمكن ان يتوقف مشروع لتوصيل مياه الشرب عن قرية أو عدة قري لبضعة أشهر أو لعدة سنوات لاسباب غريبة مثل عدم توفر ماسورة مياه طولها لايزيد علي عشرة أمتار أو بضعة محابس أو يتوقف مشروع الصرف الصحي لوحدة محلية تضم أكثر من مائة وعشرين ألف مواطن بسبب تجاهل صرف مستحقات فلاح بسيط لايملك من حطام الدنيا سوي بضعة قراريط انتزعت لخدمة عامة كمشروع الصرف الصحي لانشاء محطة رفع أو لعدم توفر ميزانية لشراء قطعة أرض وعندما يوفر أهالي تلك القري والنجوع من قوت عيالهم لشراء قيراطين لمحطة الصرف تقف بيروقراطية الفساد لتعلن بكل صلف ضياع الاوراق الرسمية في دهاليز الارشيف حتي وسائل الاتصال الحديثة "كالفاكس" لاتفلح في إقناع هؤلاء بأن هناك أرواحا تزهق وأجساداً تمرض بسبب المماطلة وهذا الفساد الاداري الذي يؤدي للفساد المالي ويدفع المواطن البسيط التكلفة مرتين مرة من قوت عياله. ومرة أخري من صحتهم تري متي تنتهي هذه الدائرة الجهنمية؟ لقد توقف استكمال مشروع الصرف الصحي في الوحدة المحلية لقرية ميت عساس وما حولها بعد العمل فيه لعشر سنوات: والقرية هي إحدي الوحدات المحلية التابعة لمركز سمنود ورغم الشكوي التي تقدم بها الاهالي إلي رئيس مجلس المدينة مازالت اللجان تتشكل وتنفض وقد توقف العمل قبل ذلك عدة مرات لاسباب غير مفهومة وغير موضوعية ثم توقف هذه المرة الاخيرة منذ بضعةاشهر تماما في محطة الرفع لقري ميت عساس والناوية ومحلة خلف وغيرها بسبب تجاهل الجهة المسئولة صرف التعويض المقرر لصاحب قطعة الارض التي أقيمت عليها محطة الرفع بقرية الناوية لكونها المحطة الرئيسية التي سترفع مياه الصرف إلي محطة المعالجة الكبري بقرية محلة زياد بالمركز مما دفع صاحب الارض إلي وقف العمل في المحطة لأن صاحب الارض التي تنشأ عليها محطة الرفع بالناوية لديه قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 427 لسنة 2014 بتارخ 16 مارس بصرف مستحقاته أي منذ أكثر من عام ولم كل وسائل الاستعجال. وقد أوشك العمل علي الانتهاء دون صرف مستحقات الفلاح صاحب قطعة الارض الذي يخشي ان تضيع حقوقه المالية كما ذهبت وعود المسئولين بتشغيل أبنائه العاطلين أدراج الرياح. وإذا انتهي العمل في محطة الرفع فلن تجدي شكواه في المحاكم للحصول علي المقابل المادي لأرضه التي لا يملك غيرها. وبعد كيف يثق الرجل البسيط في وعود المسئولين؟ وما ذنب أهالي قري ميت عساس والناوية وطليمة وكفر التعبانية التي تغطي مياه الصرف الصحي افنية مدارسها وشوارعها وترشح في مواسير مياه الشرب؟ وللحديث بقية.