من هو المتهم الغائب في كل الكوارث الأمنية والرياضية والاقتصادية التي نعاني منها إنها سوء الإدارة. نعم سوء الإدارة وعدم القدرة علي الاعتراف بالاخطاء والرغبة في التصحيح نتعامل مع كل مشكلاتنا وأزماتنا علي أنها تدار من أشخاص فوق النقد لا يخطئون أو يمكن توجيه اللوم إليهم. ليس عيبا أن يتم الاعتراف بالخطأ. وليس عيباً أن يحاسب المخطئ مهما كان موقعه وعمله. وعدم الاعتراف بالخطأ وغياب المحاسبة يغر بارتكاب المزيد من الاخطاء والتي تصل إلي مستوي الجرائم. أن يحاسب فرد أو أكثر عن خطأ أو جريمة في أي جهاز أو مؤسسة لا يعني إطلاقا أنها كلها متهمة بالعجز والفساد. ولكن التستر علي الفساد يدفع إلي المزيد من الاخطاء وتراكمها ويصبح التعامل معها صعباً. سوء الإدارة خطر علي المجتمع المصري ولا يؤدي فقط إلي خسائر وتكلفة مالية ولكن إلي فقدان أرواح وممتلكات ويضيف إلي رصيد الفشل الكثير. ولا أحد يراهن علي الفشل والعجز والكوارث ولكن الرهان علي النجاح والخروج من الأزمات أو إدارة الأزمات بما يحقق الكفاءة في التغلب علي المشكلات سوء الإدارة أصبح خطرا وعلم الإدارة ليس فقط في الكتب والمراجع ولكنه مجموعة من الخبرات التراكمية في التعامل مع الأحداث ودروس مستفادة بحيث يتم تصحيح الاخطاء. وعدم استمرارها.. سوء الإدارة له تكلفة مالية والأخطر أنه يؤدي إلي فقدان الأرواح.. وهو يحتاج إلي مراجعة كل النظم الإدارية.. وسد الثغرات والتي يجب الاعتراف بها وليس هناك عمل إداري كامل من كافة النواحي ولكن التجربة تقدم أسلوباً لعلاج الثغرات والاخطاء وعدم علاج سوء الإدارة يصنع حالة مجتمعية من الغضب والرفض. وهذا ما يؤثر علي التناغم العام. ولا يجوز أن يكون الحل السهل للهروب من الأزمة هو تأجيل المواجهة أوإحالتها إلي لجان بحث وفحص هذه مضيعة للوقت.. والوقت له تكلفة محسوبة ومعروفة. ولكن ألم يحن للوطن أن يعالج سوء الإدارة وعدم اسناد الأزمات والكوارث والجرائم إلي الطرف الثالث أو الرابع أو البحث عن شماعة سهلة لإلصاق الجريمة بطرف مكروه.. ربما يكون ارتكب جرائم في الماضي.. ولكن ليس مسئولا عن الحوادث الأخيرة. من السهل إسناد الجرائم والاخطاء أطراف اعتادت علي الخطأ أو المخالفة ولكنها بريئة من الواقعة الأخيرة. وسوء الإدارة يمكن علاجه إذا تم تحديد الاخطاء ومنبعها والتأكد من وضع ضمانات لعدم تكرارها. البحث عن مواطن الخلل وعلاج الاخطاء يسهم في احتواء بعض ظواهر سوء الإدارة التي امتدت إلي نواحي الحياة واصبحنا نواجه كوارث كل صباح في أعمال وفعاليات لو تم الاعداد لها جيداً يمكن تفادي الخسائر أو الاقلال منها إن لم يمكن منعها نهائياً. إن الاعتياد علي سوء الإدارة والتهاون في نتائجها يؤدي إلي عدم القدرة علي تحديد المخطئ والمحاسبة عن الاخطاء والجرائم التي وقعت وبدون محاسبة ومساءلة ستظل سوء الإدارة وتلاحقنا ونحصد ثمارها المر وأخشي أن نعتاد علي هذا فهو يجعل الاصلاح بعيداً وصعباً. المحاسبة والمساءلة أول خطوة لعلاج سوء الإدارة. وعلينا أن نراجع انفسنا حتي لا نهدم ما تبقي لدينا وننزع من النفوس الاحباط واليأس الذي تزرعه سوء الإدارة وغياب المحاسبة ولا يجوز أن يكون أي مخطيء بعيداً عن الملاحقة القانونية فالعدل والمحاسبة هما أساسا بناء الدولة وبدونهما كأننا نحرث في البحر ونتحول إلي الاعتياد علي تلقي الكوارث وكأنها امر عاد وهنا يكمن الخطر والخطورة.