تحتفل الكنيسة يوم الجمعة القادم. بقديس عظيم. علم العالم حياة الزهد وأسس حياة الرهبنة. وتسلم من ملاك الرب الزي الرهباني الذي عرفه العالم.. وأنشأ أول دير في جبال البحر الأحمر. مازال يفيض نعمة وبركة إلي يومنا هذا. سجل قصة حياة الأنبا أنطونيوس بحروف من نور البابا أثناسيوس الرسولي بنفسه.. والدرس الأول الذي تعلمه ويعلمه لنا أن كل ما هو مكتوب في الكتاب المقدس. رسالة شخصية لكل واحد فينا.. فقد استمع الي آية في الكنيسة. غيرت مجري حياته. وحياة كثيرين من اشتاقوا إلي الحياة في وحدة مع الله. جل شأنه. ودير الأنبا أنطونيوس بجبال البحر الأحمر. هو أول دير انشيء في العالم. ويحمل اسم أبو الرهبان ومؤسس الرهبنة في العالم. ويقع الدير علي سفح جبل الجلالة القبلي بصحراء العرب ويبعد عن الزعفرانة بنحو 48 كيلو متراً. ويمتد مدق من الطريق الرئيسي المتجه نحو رأس غارب بطول 17 كيلو متراً. للوصول الي مبني الدير الذي يشغل مساحة 18 فداناً. أضيفت لها 350 فداناً. اشتراها الدير. وخصص 150 فداناً غابة شجرية. يرتوي الدير من عين مياه يفيض ماؤها منذ عهد الأنبا أنطونيوس. من قلب الصخر. مما يعكس رعاية الله لهذا القديس العظيم.. ويمد الدير ب 100 متر مكعب من الماء النقي الصافي العذب. تم بناء الدير في القرن الرابع الميلادي عام 361م ويتميز بمكتبة كبيرة وأثرية تضم 1438 مخطوطة. معظمها يرجع للقرن 13 الميلادي. وتم العثور هناك علي أقدم نموذج من اللغة القبطية في هذا الدير. وهي عبارة عن مجموعة كتابات. وجدت أسفل كنيسة الرسل الأثرية. وهي أقدم كنيسة في الدير. وأسوار الدير مغلقة. وقد بنيت بدون بوابات خوفاً من هجمات البربر. وكان الرهبان يدخلون الدير عن طريق مصاعد من الجبال مازالت موجودة حتي الآن وكانوا يخزنون كميات من الترمس. باعتباره مقاوم للسوس وكانوا يقومون بصيد الأسماك بقارب صغير ويحولانها الي "ملوحة". أبو الرهبان والقديس الأنبا أنطونيوس "أب الأسرة الرهبانية" ولد في بلدة قمن العروس. التابعة لبني سويف عام 251م. من والدين غنيين.. وعندما توفي والده وقف أنطونيوس أمام الجسد يتأمل فناء هذا العالم. فالتهب قلبه نحو الأبدية. وفي سن 18 عاماً. سمع إنجيل القداس يقول: "إن أردت أن تكون كاملاً إذهب مع كل مالك ووزعه علي الفقراء وتعال اتبعني".. فتلقي هذه الآية كدعوة شخصية له.. فصارح أخته "ديوس" برغبته في حياة الزهد. وباع كل ما عنده واتفق معها علي أن يسلمها لبيت عذاري بالإسكندرية. سكن أنطونيوس علي نيل الصعيد.. يصلي ليل نهار.. وفي إحدي المرات ظهر له ملاك الرب هو يرتدي "زي رهبان اليوم" وقال له: "اعمل هذا وأنت تستريح".. وكما علمه الملاك. ارتدي هذا الزي واشتغل في ضفر الخوص. وفي يوم من الأيام. رأي سيدة تنزل إلي النهر. ومعها خادماتها.. ثم بدأن في الاستحمام. ولما عاتبها علي أنها تفعل هكذا أمامه ولم تستح. فقالت له: "لو كنت راهباً لسكنت البرية الداخلية" فقال في نفسه. إنه صوت ملاك الرب يرشدني للدخول الي البرية. وكان ذلك عام 285م.. فتحرك القديس الي جبل القلزم وسكن في مغارة في قلب الجبل وكان يصلي كثيراً. فيما كانت الشياطين تحاربه بأشكال نساء ووحوش. وبعد 20 سنة اضطر لأن يكسر خلوة تأملاته نزولاً علي اشتياق تلاميذ له. تركوا العالم وتمثلوا به.. فكان يعلمهم ويرشدهم ويعود الي مغارته. فكان هو بذلك مؤسس نظام "التوحد" في الرهبنة. لم يهتم الأنبا أنطونيوس برسالة الملك قسطنطين الذي بعث ليطلب بركته.. وقال لتلاميذه: عندي رسالة أهم. مشغول بالرد عليها. من الله ملك الملوك. تتلمذ علي يديه البابا أثناسيوس الرسولي المدافع عن الإيمان والقديس مقاريوس الكبير الي أسس نظام الجماعات في برية شيهيت. وفرح بما سمعه عن الأنبا باخوميوس أب الشركة وامتنحه. فكان دائماً يفرح بالبنيان.. ورغم أنه كان أمياً لا يعرف القراءة والكتابة. إلا أنه بالمعرفة السماوية وكثرة التأمل والتعلم من ملائكة الوحدة في الجبل. أخزي الفلاسفة اليونانيين.. فعندما سئل عن آية في سفر العبرانيين. شخص بنظرة نحو السماء وقال: اللهم أرسل لي "موسي" ليفسر لي معني هذه الآية. وفي الحال سمعوا صوتاً لم يفهموه.. لكنه هو أجاب. وبعناية إلهية فائقة.. أرسلة الله الي الأنبا بولا أول السواح رئيس المتوحدين. الذي كان يرسل له الله كل يوم نصف خبزة مع غراب.. وعندما وصل إليه الأنبا أنطونيوس بارشاد إلهي جاءه الغراب بخبزة كاملة. وكان يرتدي ثوباً من الليف.. ارتداه بعد نياحته. الأنبا أثناسيوس البطريرك في المناسبات والأعياد الكبري للتبرك به.. وقد استجاب الأنبا أنطونيوس للأنبا بولا بأن أسرع وأحضر له الحلة الكهنوتية للبابا أثناسيوس قبل انتقاله للسماء.. وبالفعل ارتداها الأنبا بولا. وقام أسدان بحفر مقبرة له. وقاما بدفنه. عاش القديس الأنبا أنطونيوس 105 أعوام. في طهارة وبر ونسك فاستحق اكليل الحياة الأبدية.