انتابتني السعادة عندما علمت أن الرئيس عبدالفتاح السيسي. قرر زيارة الصين يوم 23 ديسمبر الجاري ليجري مباحثات سياسية واقتصادية مع نظيره الصيني وعدد من المسئولين هناك. ف "التجربة الصينية" تستحق الدراسة والاستفادة منها. فهي تشبهنا إلي حد كبير في توقيت وضع أسس بناء الدولة الحديثة. في بداية الخمسينيات من القرن الماضي. وظني أنها مفيدة لمستقبل مصر خصوصا أن الرئيس بدأ في وضع أسس الانطلاق نحو التنمية الشاملة وتنفيذ مشروعات عملاقة بمثابة القفزة الكبري لتحقيق الرفاهية لشعب مصر. فالتجربة التي وضع قواعدها الزعيم الصيني "ماوتسي تونج". عندما وصل إلي سدة الحكم عام 1949 تستحق البحث. فقد أطلق خططا طموحة لتحويل بلاده إلي دولة عصرية قادرة علي مواجهة التحديات العالمية. فبدأ بالعناية بالصحة والتعليم والصناعة. وأطلق الخطة الخمسية الأولي عام 1953 التي أرسيت قاعدة الصناعة. وفي عام 1958 أطلق مشروع "القفزة الكبري إلي الأمام" والذي اعتبرته الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا في ذلك الوقت من أخطر المشروعات التي تبناها ماو. واستطاعت الصين اختبار قنبلتها الذرية الأولي في 1964 وفي 24 أبريل 1970 أطلقت قمرها الاصطناعي الأول. وعندما توفي ماو في 9 سبتمبر 1976 عن عمر ناهز 82 عاما. استمرت نجاحات "التجربة الصينية" بعد وصول الزعيم الصيني "دينج شياو بينج" عام 1978 إلي الحكم وتطبيقه برامج الإصلاح. إذ ودع سياسة الانغلاق لينفتح علي العالم بقناعات جديدة تختلف عن الاستراتيجية "الماوية". ونجحت الصين في استقبال استثمارات أجنبية ضخمة علي الرغم من أنها أكبر دولة في العالم سكانا إذ يبلغ عددهم الآن نحو 1.3 مليار نسمة ينتسبون إلي 56 قومية. واستمر علي نهجه من جاء بعده. فاستطاعت بكين من خلال نجاحاتها أن ترتقي إلي مكانة متقدمة بين الدول علي الصعيد العالمي. لتحقق أعلي معدلات التنمية وتصبح أكبر دولة مصدرة في العالم. وأري أن سعي الرئيس عبدالفتاح السيسي إلي جذب الاستثمارات الصينية إلي مصر هدف نبيل تتمناه الكثير من الدول. وجاء في الوقت المناسب. لكن هذا لا يمنع من تشكيل لجنة من علماء مصريين لزيارة الصين ودراسة تجربتها الفريدة التي أبهرت العالم للاستفادة منها في مصر ونحن نضع أقدامنا علي عتبات مستقبل جديد لمصر. ويهمنا أن نطلع علي كافة تجارب العالم الناجحة في الشرق والغرب. وهو ما يضعه الرئيس السيسي في اعتباره منذ توليه المسئولية. لأنه يعلم أن تحقيق التنمية لشعبه لا يحدث بضربة حظ أو بالتمنيات. وأقول لكم. إنه علي الرغم من نجاح "التجربة الصينية" واستمرار تطورها عاما بعد عام حتي أصبحت نموذجا مبدعا يستحق الدراسة. فأضحت تمتلك أكبر قوة ناعمة في العالم. بسبب مواقفها السياسية المعتدلة. وإنجازها في سنوات قليلة ما أخفقت دول أخري كثيرة في تحقيقه خلال قرون. إلا أنني لا أطلب نقل هذا النموذج لتطبيقه في مصر بالآليات نفسها فلكل دولة ظروفها التي يتعين عليها أن تختار الأسلوب الذي يلائمها للتنمية ويحقق أهدافها في أقصر فترة ممكنة. فالمهم أن تكون لدينا الإرادة لتحقيق "القفزة الكبري إلي الأمام" لكن علي الطريقة المصرية.