لست بصدد التعليق علي حكم محكمة جنايات شمال القاهرة ببراءة الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ووزير داخليته حبيب العادلي ومساعديه الستة.. فكل الاحترام والتقدير لقضائنا العادل وثقتنا الكاملة به. فأنا أعلم أن القاضي يحكم بما لديه من أدلة وبراهين وهي ما لم تتوافر لدي المحكمة لإدانة مبارك ورجاله. ولكني هنا أتحدث عن نظام دام ثلاثين عاماً أفسد فيها البلاد وقتل الآلاف من العباد. لا أتحدث عن مائتين وأربعين شهيداً سقطوا في ميادين التحرير وهم يرفعون شعارات العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. ولكني أتحدث عن وطن بكامله تسبب فساد مبارك ورجاله في تأخره وعودته للخلف مئات السنين.. أتحدث عن آلاف الشهداء سقطوا صرعي في حوادث الطرق ومحارق القطارات وغرق العبارات وداخل السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة علي مدي الثلاثين عامًا. لدينا آلاف الأدلة والبراهين علي فساد مبارك ورجاله علي مدي أعوامه الثلاثين.. وهنا أتساءل كما يتساءل غيري: هل هناك أدني شك في أن معظم رؤساء حكومات عهد مبارك ووزرائها ساهموا في تهريب أموالهم إلي خارج الوطن في الأيام الأولي لثورة 25 يناير 2011؟ أليسوا هم من وزع أراضي مصر علي المحاسيب والأقارب والأصهار؟! أليسوا هم من أهمل الطرق أو أفسد فيها فحدث ما حدث وسقط آلاف القتلي من المصريين؟! ألم يكن صاحب العبارة المعيبة التي غرقت في مياه البحر الأحمر وعلي متنها أكثر من ألف مصري.. ألم يكن صاحبها صديقاًَ للرئيس المخلوع وهو الذي عينه في مجلس الشوري حتي يفلت من الجريمة؟! ثم أليس مبارك ورجاله هم من وضعوا مصر علي رأس قائمة الدول التي تنتشر بها أمراض الفشل الكلوي والكبدي بسبب صفقات رجال أعمال بعينهم ظلوا أصحاب الحظوة والمقربين من مبارك وزرائه علي مدي العهد التعيس؟! .. ثم.. ثم أليس هذا النظام هو من ساهم في تسمين جماعة تاجرت بالدين وظلت تنمو وتنمو حتي وصلت إلي الحكم ولولا يقظة الشعب لانحرفت بالوطن إلي مسار التهلكة والتقسيم والحرب الأهلية؟! أليس نظام مبارك هو السبب فيما نحن فيه الآن من تراجع الدور الاقليمي حتي وصل الأمر إلي حد أن إمارة بحجم قطر تناطح مصر الكبيرة؟! يا سادة إن جرائم مبارك ونظامه أكبر من أن تحصي وأن لكل بيت مصري ثأراً لدي هذا الفاسد وأعوانه حتي ولو برأته المحكمة في قتل 240 متظاهرًا.