غرف العمليات.. تلك القلاع ذات الطبيعة الخاصة كانت في الماضي محرمة علي كل من لا يرتدي البال الأبيض والآن تحولت إلي بيئة خصبة للميكروبات والقطط والفئران وأحيانا الكلاب الضالة علاوة علي اتخاذها كغرز للتدخين ومطاعم لتناول الطعام بل وأصبح مسموحا لأهالي المرضي للدخول نظير بضعة جنيهات للعامل أو الممرضة للاطمئنان علي ذويهم وأحيانا لتطوير جراحة فيديو خاصة في حالات الولادة القيصرية. الاهمال المتعمد في غرف العمليات قضي علي حياة عشرات الآلاف وادخل الملايين في دوامة أمراض اخري أشد فتكا كالفيروسات الكبدية والفشل الكلوي والسرطان واصاب العديد بعاهات مستديمة ومشاكل لا حدود لها وجعل العديد يعيشون حياة الأموات منهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر. إهمال عمدي "الجمهورية" اخترقت غرف عمليات عدد من المستشفيات الكبري بالمحافظات وكشفت مهازل كبري أودت بحياة الكثيرين بسبب ضمير غائب واهمال متعمد. الجولة الأولي كانت بمستشفي بنها الجامعي حيث تبين ان مخازن الاخشاب ومواد البناء الخاصة بأعمال الصيانة والتطوير في الطرقات المؤدية لغرف العمليات والغريب ان العمال يقومون بنقل الاخشاب الخاصة بأعمال التسليح بواسطة تروللي العمليات في مشهد مؤسف مما يؤكد ان غرف العمليات تحولت إلي سلخانات لتقطيع أوصال المرضي واصابتهم بعاهات مستديمة وأمراض مزمنة. مقالب قمامة ومن القليوبية إلي الاسكندرية رصدنا اهمالا أشد بشاعة بعد أن اخترقت القطط والكلاب الضالة عنابر المرضي بالمستشفي الأميري وكادت تصل إلي غرف العمليات التي تحولت إلي مقلب قمامة علاوة علي اعقاب السجائر والدماء المنتشرة في كل مكان والفوط والمشارط والمقصات التي يعلوها الصدأ والمناديل الورقية وملابس العمليات والفازات الجلدية الملوثة بالدماء والأجزاء الآدمية في أحد الجرادل في منظر يدمي القلوب. ورغم ان المستشفي الأميري بالاسكندرية يستقبل مرضي 5 محافظات إلا ان وزارة الصحة اسقطتها من سجلاتها تماما مما جعل المرضي يستولون العلاج نظرا لضعف الامكانيات حيث تغلب الاطباء علي ذلك بعمل غرف عمليات بلا تعقيم في احدي الطرقات ورغم ذلك يضطر المرضي للانتظار شهورا طويلة لاجراء جراحات قد لا تستغرق اكثر من 15 دقيقة. اقتصادي وبس أما مستشفي شبين القناطر فقد ذكر أحد العاملين ان غرف العمليات لا تفتح إلا للحالات الاقتصادية فقط ورغم ذلك يضطر الاطباء أحيانا لاجراء اكثر من جراحة بنفس الآلات مما ضاعف الاصابة بالفيروسات الكبدية علي مستوي 36 قرية بصورة لم يسبق لها مثيل ورغم ذلك لا تجري أي جراحة إلا "بتقبيل الايدي". يضيف ان معظم العمليات في الوقت الحالي تجري تحت اضواء الشموع ولمبات الجاز بعد أن تلاعبت ادارة المستشفي مع الشركة المنفذة للمبني الجديد وتسلمته بأخطاء جسيمة رغم الملايين التي انفقت لتحديثه وتطويره وتزويده بأحدث الآلات. جراحات بيطرية أما مستشفي أبوالريش الياباني والتي تحتوي علي 11 غرفة عمليات معظمها متهالك ولا يصلح لاجراء جراحات بيطرية للقطط والكلاب خاصة الموجودة بالدورين الرابع والخامس حيث تحتاج تلك الغرف لاعادة تأهيل من جديد من خلال شراء مجموعة من الأجهزة يصل ثمن الواحد ل 300 ألف جنيه وهذا ما تؤكده الدكتورة هالة فؤاد مدير مستشفي الاطفال الجامعي التي تطالب بتخصيص مستشفي أبوالريش الياباني للحالات الصعبة والحرجة فقط وباقي الحالات الواردة من المحافظات فيتم إجراء تلك الجراحات هناك بعد تدريب الاطباء لتخفيف الضغط عن ذلك المستشفي التي تستقبل حالات من جميع انحاء الجمهورية. طوابير انتظار أما المشكلة القاتلة بمعهد القلب القومي ليست في الوضع السييء لغرف العمليات ولكن في طوابير الانتظار الطويلة التي تمتد احيانا لعامين رغم ان معظم الحالات تحتاج إلي جراحات عاجلة حيث يوجد بالمعهد 8 غرف عمليات و5 غرف قسطرة للكبار ويتم اجراء 12 عملية جراحية يوميا و500 حالة قسطرة ويستقبل يوميا 1000 مريض من كافة المحافظات. ورغم ان جراحي معهد القلب يمتازون بالخبرة والمهارة إلا ان نقص المستلزمات يهدد عمليات القلب المفتوح ويضع آلاف المرضي في قوائم الموتي وينذر باغلاق اكبر الاقسام بالمعهد. صدأ الأجهزة أما مستشفي أم المصريين والتي تعد الاقدم والاعرق في الجيزة فقد تسببت قبل 7 سنوات في ازهاق أرواح العشرات بسبب اجهزة التخدير القديمة وتم الاستعاضة عنها باستخدام جهاز السمفونين الذي أدي إلي تقليل اعداد الوفيات والعاهات المستديمة إلا ان ادارة المستشفي لم تنتبه حتي الآن لمشكلة الحوائط والجدران ذات الطراز المعماري القديم والتي تتسبب في انتشار الميكروبات والفيروسات بصورة كبيرة حيث طالب الاطباء مرارا وتكرارا بعزل جدرانها ب "الكتروستاتيك" ومضاعفة اعداد التروليات لنقل المرضي بعد الجراحات حتي لا يدخل تروليات العنابر المكتظة بالأمراض والفيروسات. كوارث الصعيد ورغم الكوارث التي تحملها غرف العمليات في المستشفيات المركزية والجامعية والمتخصصة بالوجه البحري الا ان أوضاع غرف مستشفيات الصعيد أشد بلاء وهذا ما يؤكده الدكتور سعد عبدالحليم استشاري الأنف والأذن والحنجرة قائلا كل يوم يفقد عشرات المرضي حياتهم بسبب الاهمال وغياب الرقابة والمتابعة فالحالة العامة للغرف سيئة للغاية خاصة في مستشفيات وزارة الصحة حيث يستطيع أي شخص اختراق غرفة العمليات كما يقوم الاطباء والتمريض بتناول المأكولات والمشروبات بغرفة التمريض الملحقة بغرف العمليات ويمكنهم ايضا طهو انواع معينة من الاطعمة وفوق كل هذا وذاك أنانية أطباء التخدير الذين يفرضون شروطهم علي مديري المستشفيات ويفضلون الاقتصادي والخاص عن المجاني ويتسببون في قتل الأبرياء. خط أحمر الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء الاسبق يري ان تجهيز غرف العمليات لابد ان يكون طبقا لشروط ومواصفات حتي يتسني للفريق الطبي اجراء الجراحات بدون اخطاء وحتي لا يعرضوا حالات المرضي لمشاكل طارئة وان يكون حرم جناح العمليات خطا أحمر يمنع أي شخص من دخوله أو الاقتراب منه إذا كان غير مكتمل التعقيم كما يحذر ان يتم تعقيم أي أدوات وتجهيزات داخل جناح العمليات منعا لحدوث مضاعفات ويؤكد ان هناك اخطاء في عدد من المستشفيات تستدعي اغلاقها علي الفور ولابد من تطبيق معايير الجودة والسلامة في المستشفيات. يوضح ان القرار الوزاري رقم 311 لسنة 2011 اشترط وجود طاولة للعمليات متعددة الاتجاهات مع وجود كشاف رأسي وأجهزة تخدير وتنفس صناعي وانذار وجهاز للصدمات وشفاط كهربائي وإذا لم تتوافر هذه الشروط والمواصفات طبقا للقرار الوزاري لا تأخذ أي منشأة طبية الترخيص وإذا تلفت هذه الأجهزة يتم توجيه انذار للمستشفي لحين اصلاحها فضلا علي تعقيم للأطباء وله شروط خاصة بجانب تعقيم الادوات اللازمة لابد من غسلها جيدا ثم يتم تعقيمها.