كأنما خلت مصر من المشاكل. فلم يعد أمامنا غير مشكلة فيلم "حلاوة روح".. في غبار مشكلته توارت المشاكل الملحة من إرهاب كلاب الجماعة الإرهابية. واغتيالاتهم التي لا تتوقف ليل نهار. وضحاياهم الذين يتساقطون علي مدي ساعات النهار والليل.. وصورة مصر غير المستقرة.. التي يحرصون ويستميتون علي إلصاقها بمصر.. حتي يحرمونها من عودة السياحة.. وعودة الاستثمار.. وتعافي الاقتصاد.. كل هذا تواري.. وتوارت معه مشاكل الأمن.. ومشاكل دعم الطاقة.. ودعم رغيف الخبز.. ومشاكل انقطاع الكهرباء.. واستخدام الفحم.. وانقطاع الأطباء عن أعمالهم.. وإضراب الممرضات. وموت عدد من أطفال الحضَّانات. نتيجة هذا الإضراب.. ثم مشاكل ارتفاع الأسعار. وانفلاتها.. وتظاهرات طلاب الجماعة الإرهابية لهدم الجامعات.. كل هذا وغيره من المشكلات تواري.. لم يعد هذا يهم من أسموا أنفسهم بالمثقفين.. أو المبدعين.. أو حُماة "الإبداع".. أصبح كل همهم شجب القرار الصائب لرئيس الوزراء بوقف مؤامرة تخريب وتدمير الشباب والأسرة والمجتمع. بإيقاف عرض فيلم "حلاوة روح". وإعادة عرضه علي الرقابة مرة أخري. استجابة للغالبية التي رأت في هذا الفيلم خروجاً علي قيم المجتمع. ودعوة هدامة لإفساد أجيال جديدة.. وتخريج منحرفين جدد. هؤلاء لم يتصدوا لمشكلات الوطن.. تصدوا فقط لما أسموع بحماية الإبداع.. حماية الإبداع في عرض عري هيفاء وهبي.. حماية الإبداع في تقديم الفُحش الجنسي.. حماية الإبداع في عرض مشاهد الاغتصاب والانحراف الجنسي.. هذا كله هو في تقدير البعض إبداع. أخطأ رئيس الوزراء في الجور عليه.. وبدلاً من لوم الرقابة التي أجازت كل هذا الفُحش. في موضوع مهترئ. لا يحمل أي رسالة. ولا أي قيم. ويهدم كل القيم.. يلومون رئيس الوزراء.. لأنه تحمل مسئوليته في حماية المجتمع.. وحماية الوطن.. وتصدي لهذا الفُحش.. أين يعيش هؤلاء؟!.. ويمثلون مَن بالضبط من هذا الشعب الصامد المكافح. الباحث عن لقمة عيش وسط أزمة طاحنة ساحقة؟! بالتأكيد لا يعيشون في هذا الوطن الذي تتلقفه الأخطار من كل جانب.. وتستهدفه المؤامرات والمتآمرون والساعون إلي هدمه وتمزيقه. هؤلاء لا يعيشون في هذا الوطن.. بوقوفهم إلي جانب نفر من الساعين إلي الكسب الحرام بتقديم أفلام الجنس واستثارة الغرائز.. التي تجهز علي ما تبقي.. إن كان هناك شيئاً قد تبقي من أخلاق هذا الجيل التي تفسخت بفعل هذا "الإبداع".. وبفعل انعدام التربية.. وانعدام التعليم.. وافتقاد دور الأسرة التي انشغلت عن أبنائها.. فتركتهم يدمرون الوطن.. ويدمرون أنفسهم قبل الوطن. وأنقل عن الزميلة "الأهرام" من عدد السبت 19 أبريل 2014 الكلمات التالية. لعل العيون التي لا تري.. والقلوب التي لا تبصر. تدرك حجم الجريمة المجتمعية المتواصلة التي يرتكبها منتج هذا الفيلم وأفلامه السابقة. والجريمة المجتمعية التي أرادوا لرئيس الوزراء أن يسكت عنها. احتراماً "لإبداعهم".. تقول "الأهرام" علي لسان الناقد رامي عبدالرازق: "الفيلم ينطبق عليه التعريف العلمي لفيلم "البورنو" في المصطلح. وهو المواد الإباحية التي يمكن أن تتعرض لأي موضوع من زاوية.. وبغرض الإثارة الجنسية. أو هي كل مادة تحتوي علي جنس فاضح. مثل الفيلم الذي يصور العلاقة الجنسية كاملة. أو يوحي بها. بين أطراف متماثلة. أو متغايرة. أطفالاً كانوا. أو كباراً. بهدف إثارة الشهوة الجنسية عند المشاهد". وفيلم "حلاوة روح". كما يقول نفس الناقد في "الأهرام" يبدأ بمشاهد متخلية لهيفاء من مخيلة الطفل. تستعرض فيها كل الأوضاع الجنسية. والشبقية التي تسمح بها الرقابة.. ثم يبرر هذا. بأن الطفل يحتلم بها.. ثم يذهب للتلصص عليها من وراء الشباك. ليجدها في أوضاع مثيرة تزيد من خياله.. وروح. تبقي مثل أي بطلة بورنو. تقرر أن تواجه الرجال بصدرها. جلبابها المفتوح. الذي يعكس تفاصيل الجسم. وهي تنشر الغسيل. ويضيف نفس الناقد في "الأهرام": "يكمل مؤلف الفيلم البناء البورنوجرافي للفيلم. بأن يجعل كل نساء الحارة من العاهرات اللائي يمارسن الجنس بمقابل. ودون مقابل. ويجعل كل رجال الحارة قوادين. وديوثين. فالقواد والديوث. والفحل. هم العناصر الذكورية الأساسية في الأفلام الإباحية. ويماثلهم في الفيلم المصري. باسم سمرة في دور القواد. وأصدقاؤه في أدوار الديوثين. ومحمد لطفي في دور الفحل.. وقد قدم له الفيلم ما انتظره. بغض النظر عن أي منطق أو بناء أو مبرر. مشهد اغتصاب الفحل للبطلة. حيث يجتمع أكثر من سياق إباحي في ذروة مثيرة. بداية من المداعبة. وصولاً إلي تمزيق الملابس. والضرب السادي. والسحل والتعرية. ثم ينتقل مونتاجياً إلي الخارج. حيث الدياثة والمازوخية المتمثلة في عيني باسم سمرة الفاضحتين بشهوة المتخيل لما يحدث في الداخل. ثم ينتقل إلي الموسيقي الأعمي. الذي لا ندري لماذا يتخبط في الخارج. في محاولة الدخول إلي الغرفة.. بينما صوت الصراخ واضح جداً". وتواصل "الأهرام" علي لسان نفس الناقد: "ولو أن جهة ما تريد أن تهدم مجتمعاً. حضارياً. وفكرياً. ونفسياً. فلن يجدوا عائلة بأكملها تعمل في مجال فني. ولديها شهوة الابتذال. وتسطيح الوعي. وإفساد الشعور. مثل عائلة السبكي. التي يمكن أن تتولي بجدارة مسئولية: "جناح تلطيخ الوجدان الشعبي".. في أي حرب سرية.. لهدم أمة"!! هل هناك كلام يُقال بعد هذا الكلام؟!! هل قرأ هذه الكلمات بعض الذين يتشدقون بحرية الإبداع؟!.. من زمن لم نعد نر".. حمرة الخجل.. ويبدو أن البعض قد فقدها بالفعل.. وما عاد يجدي أن ننتظرها.. فالذين "اختشوا".. قد ماتوا.. وهان كل شيء.. إلا حرية الإبداع في عرض الجنس والشذوذ.. وإفساد أخلاق أجيال من الأطفال والشباب. لم يعد يهم أن تكون حرية الإبداع هذه مدخلاً لهدم وطن.. بهدم نواته التي يفجرونها.. الأسرة. والشباب. والطفل.. بحسن نية. أو بسوء نية.. يستوي الأمر.. فالوطن هو الضحية. والمؤامرات تتجاذبه من الداخل والخارج.. ولا يعني البعض إلا التشدق بحرية الإبداع.. ولا يريدون حدوداً لهذه الحرية.. حرية مطلقة.. أي مفسدة مطلقة.. ويسيئون إلي الدستور. الذي جاء ليحمي الوطن.. فإذا بهم يريدونه أن يحمي التآمر علي أخلاق أبنائه بحجة الإبداع.. بئس هذا الإبداع الذي يجعلهم يلوون كل الحقائق.. ويخلطون كل الأمور.. ولا يحترمون العقول. فالجريمة واضحة.. وتآمر هذه النوعية من الأفلام علي الوطن لا يمكن الدفاع عنه. هل في إجازة هذا الفيلم من الرقابة رشوة؟!!.. نعم هناك رشوة. ولابد من التحقيق فيها.. هناك رشوة مسبقة.. وربما لاحقة.. لقد اتضح أن مدير الرقابة كان يعمل مخرجاً لدي عائلة السبكية.. وأخرج لهم من قبل فيلمين.. فكيف يعقل أن يحكم في قضية هذا الفيلم. ويصرح بعرضه علي مسئوليته.. بينما رقباؤه اعترضوا عليه؟!!.. ألم يشعر بالحرج.. وقد كان أجيراً لدي عائلة السبكية.. وهو يقضي في أمر يخصهم؟!!.. ألم يكن من الواجب أن يتنحي عن اتخاذ قرار في هذا الفيلم. بعد أن خالفه رقباؤه.. بدلاً من أن يتصدي للقرار المشبوع بعلاقته بالسبكية.. ويتخذ علي مسئوليته القرار بالسماح بعرض الفيلم؟!!.. هذا وحده جريمة لابد من الحساب.. ثم العقاب.. أما ادعاء البطولة.. والاستقالة.. هرباً من المسئولية.. فلا يعفيه من المسئولية في كل ما حدث.. وخلطه لمصالحه الخاصة بالعمل العام. هو جريمة تسبق الخطأ في السماح بمثل هذا الفيلم.. لابد من محاسبته عليها!!!