ياه.. الأيام تجري والعمر يجري.. هل مر علي جريدة "الجمهورية" ستون عاما بالتمام والكمال؟؟! وحكايتي مع "الجمهورية" حكاية طويلة تحتاج لكتاب دخلت الجمهورية في 10 ديسمبر 1959 ولذلك قصة.. بعد أن فجرنا "جورناليزم الرياضي" التي كانت مظلومة في الصحف والمجلات المصرية فأصبحت فجأة بقرار جرئ من الرجل الفاضل الكبير خالد محيي الدين شفاه الله وعافاه فأصبحت فجأة من أهم الأبواب.. حينما قرر أن تكون الرياضة في جريدة "المساء" في أكتوبر 1956 صفحتين كاملتين لأول مرة في تاريخ الصحافة المصرية من أجل ظروف عائلية كنت أعاني منها في زمن المصادرات والمعتقلات والسجن الحربي...إلخ. ولحسن حظي كان هذا القرار هو سبب زيادة التوزيع مع الإعلانات بطريقة لم يكن أحد يتوقعها قط واشتهرت "المساء" بأنها الصحيفة الرياضية خصوصا بعد أن اخترنا صفحة ثالثة في كثير من الأحيان. هنا حكاية جانبيه سأقطع بها تسلسل القصة.. جمال عبدالناصر قرر إنشاء جريدة المساء لتكون لسان حال الاتجاه الشيوعي مجاملة لخروشوف عام 1956 الذي بني لنا السد العالي والحديد والصلب والأسمنت والشيء الكثير.. ولماذا كانت "مسائية"؟؟ لأن الجرائد المسائية ليس لها سوق في مصر بالذات فلا أحد يشتري جريدتين ورا بعض في يوم واحد في مصر ولذلك كل الصحف المسائية التي صدرت في مصر أغلقت أبوابها بداية من جريدة "البلاغ" ثم "المسائية" ثم "الزمان". كان عبدالناصر يريد جريدة "مؤقته" ترضي هؤلاء الذين يبنون البلد من جديد ثم بعد ذلك يحلها ربنا!!! فإذا بجريدة "المساء" تضرب ارقاما قياسية في التوزيع والإعلانات وينتظرها الباعة علي باب المطبعة!!! هذا التوزيع كان السبب في أن اتعاقد مع دار أخبار اليوم علي الانتقال إليها بعد أسبوع لنبدأ العمل من العدد الأسبوعي صباح السبت.. ولما فاتحني مصطفي بك أمين في الموضوع قلت له إنني وحدي لن أنجح.. ياريت تتعاقد مع زملائي في "المساء".. فأصدر الأوامر للدكتور السيد أبوالنجا مدير الدار بالتعاقد مع من أطلبهم.. وقد كان.. في نفس اليوم.. تصوروا.. في نفس اليوم.. قالوا لي إن هناك من ينتظرك في الصالون تحت في منزلنا في شارع فهمي بالعباسية.. وجدت استاذي إبراهيم نوار ورسام الكاريكاتير الكبير عبدالسميع عبدالله وطلبا مني الخروج للجلوس في أي مكان عام للتحدث في موضوع ما.. هذه كانت أول مرة لي الشرف أن التقي باثنين من عمالقة الصحافة في ذلك الوقت.. ثم وجدت نفسي فجأة وجها لوجه أمام المرحوم صلاح سالم الذي كان قد تعاقد معه عدد كبير من كبار الصحفيين للنهوض بالجمهورية. بدأ الحديث هادئا لكي أعمل بالجمهورية ولما اعتذرت لارتباطي بأخبار اليوم.. انتفض صلاح سالم قائلا إنه يتهمني بعملية "تخريب" لصحافة الثورة نظرا لسحب القسم الرياضي من إحدي صحفه للعمل في الصحافة المضادة ثم مجرد أخذ "فكرة" الصحافة الرياضية والتوسع فيها التي نبتت في صحف الثورة.. انت ستعمل معنا يعني ستعمل معنا.. انتهي اللقاء.. نصحني استاذي الكبير إبراهيم نوار بأن اعتذر لأخبار اليوم.. فلجأت للدكتور السيد أبوالنجا لأنه كان مدير جريدة "المصري" سنوات طويلة وهي الجريدة التي تملك والدتي ثلثها.. فأخذني إلي مكتب مصطفي بك أمين وتم استدعاء علي بك أمين.. وانقلب الموضوع إلي ضحك وهزار.. يا جماعة انا مهدد بتهمة سأضيع بسببها مع باقي أسرتي.. هنا ربت مصطفي بك علي كتفي وقال لي نحن نضحك عليك انت.. الموضوع انتهي.. انت ستعمل في "الجمهورية" يعني ستعمل في "الجمهورية".. والموضوع له بقية.