وأزمة النظافة هي سوء إدارة وليست نقصاً في التمويل ولا الإمكانيات ولا المعدات. ومن المؤلم أن الرسوم التي يتم تحصيلها للنظافة علي فواتير الكهرباء تصل سنوياً إلي نحو 200 مليون جنيه مصري مع الأخذ في الاعتبار أن نظام التحصيل علي فواتير الكهرباء لا يطبق علي كل ربوع الجمهورية. وعقود شركات النظافة المبرمة من قبل لم يتم مراجعتها ولم توقع جزاءات عليها رغم التقصير والعجز والاهمال لأن هناك منظومة فساد تحوط عملية النظافة ويبدو صمت أجهزة الحكم المحلي مريباً وتحوطه شبهات. وهذا المبلغ الذي يتم تحصيله سنوياً يكفي لتأسيس 10 شركات وطنية للنظافة تختص كل شركة بالعمل في محافظتين علي الأقل وسيوفر هذا الوفر من فرص العمل للشباب العاطل في كل التخصصات من العمالة العادية إلي الفنية والمهندسين والمحاسبين وغيرهم. ومعدات النظافة المهداة لنا من الدول الصديقة يمكن أن تضم إلي هذه الشركات بالإضافة إلي المعدات المتوفرة لدي المحافظات والوحدات المحلية. ما الذي يمنع ذلك. هل هي المصالح الضيقة والهبات التي تنهال من شركات النظافة علي أشخاص بحجة المساندة والدعم لاستمرارها. المبلغ الذي يتم تحصيله للنظافة علي فواتير الكهرباء أصبح فريسة بين أجهزة الحكم المحلي وشركات وزارة الكهرباء. ونسمع قصصاً وحكايات عن مكافآت التحصيل التي ينالها كبار وزارة الكهررباء أو قيادات في الحكم المحلي وربما تكون صحيحة وقد لا تكون كذلك. ولكن المبلغ الكبير يغري بالاغتراف منه لمكافآت التحصيل وهو أمر يدفع إلي أهمية أن يستثمر هذا المبلغ الذي يتم تحصيله سنوياً لإقامة شركات للنظافة ومصانع صغيرة لتدوير المخلفات. وشركات تجميع المخلفات والقيام بالنظافة لا يحتاج إلي تكنولوجيا عالية ولا خبرة أجنبية ولكن هذا المبلغ لا يستثمر بكفاءة وهو يخرج من جيوب المواطنين ويلتهم المسئولون بوزارة الكهرباء جزءاً كبيراً منهم تحت حساب عمولة التحصيل. ومن أغرب ما سمعته مؤخراً أن شركات وزارة الكهرباء تحتجز المبالغ التي يتم تحصيلها من رسوم النظافة لديها لتغطية العجز في عمليات تحصيل فواتير استهلاك الكهرباء التي انخفضت معدلات التحصيل في بعض الشركات إلي 25 و40 في المائة بسبب عدم كفاءة التحصيل ورفض المستهلكين عن السداد لتراكم الفواتير لعدم قراءة العدادات للمستهلكين بانتظام وشهرياً. وفي ظل سوء الإدارة في عمليات التحصيل وعدم قراءة العدادات بانتظام ونقص قراء العدادات والمحصلين يصدر وزير الكهرباء فرماناً غريباً إلي رؤساء شركات الكهرباء بوقف التعيينات الجديدة في جميع الوظائف بحجة الظروف المالية للشركات. ولا يدرك الكهرباء أن المحصلين وقراء العدادات لدي جميع الشركات تجاوزت أعمارهم الخمسين عاماً يرفضون النزول للشارع بحجة أن من حقهم الترقي والاشراف ولهذا انخفضت أعداد المحصلين وقراء العدادات. كما أن الشركات شأنها مثل أي جهة اخري يحال منها إلي المعاش في جميع التخصصات أعداد تصل إلي 500 وتزيد علي الألف في الشركات الكبري وهناك من يتبقي لهم شهور علي المعاش وتنخفض همتهم في العمل. أليس من المنطقي وحُسن الإدارة استعواض الوظائف الشاغرة أو التي ستخلو خلال أسابيع أو شهور قليلة. ولكن وزير الكهرباء يصدر تعليمات دون أن ينظر إلي حجم المديونيات الضخمة لدي الشركات والمحلات والافراد وتحتاج إلي جهد وأفراد للتحصيل. كما أن إدارة الشركات ومجالس الإدارات هي المسئولة وتدخل الوزير مجرد تعليمات قد تضر ولا تفيد الشركات. وإذا كان السيد الوزير هو الذي سيدير كل الشركات ويحول رؤساء مجالس الإدارات إلي سكرتارية فهذه كارثة ولن يستطيع محاسبة مجالس الإدارة عن نتائج أعمالها. نحتاج إلي إدارة تضع في اعتبارها الصالح العام وعدم اللجوء إلي إصدار قرارات في حالة غضب وللسيد الوزير أن يتفرغ لوضع السياسة العامة للقطاع ويترك التنفيذ لمعاونيه ثم يحاسب ويكافئ من يجتهد ويعاقب الفاشل حتي لا يتحمل وحده الفشل كله.