لم تعد المنتجات الصينية وحدها المتربعة علي عرش الأسواق المصرية. البضائع التركية والماليزية والأندونيسية والبنجلاديشية غزت الأرصفة والمحلات بشكل فوضوي وبأسعار زهيدة يعجز المنتج المصري عن منافستها.. فلا عجب بعد ذلك أن تغلق آلاف المصانع أبوابها ويتشرد أصحاب حرف ويفقد ملايين العمال وظائفهم دون أن تتحرك الدولة لحماية الصناعة الوطنية وترشيد الاستيراد وحتي لا ينتهي أمر عمالنا إلي عاطلين أو باعة جائلين. عصام عبدالغني صاحب محل شنط مدرسية يقول: انه كان يملك مصنعا لانتاج الجلد أغلق المصنع وسرح العمال رغم أن المصري يمتاز بالجودة مقارنة بالمستورد وبالتالي أغلقت مصانع كثيرة كانت تدعم انتاجه مثل مصانع السوست والأكياس والأقفال وتوك الأحزمة الكل غير نشاطه ليصبح بائعا للمستورد. ويضيف حسن علي صاحب محل أحذية بمنطقة الفحامين أنه يقوم ببيع المنتجات الصينية والفيتنامية لأن الزبون تجذبه كلمة مستورد بالاضافة إلي أن المعروض منها أرخص وأجمل في الموديلات والألوان مؤكدا ان المصري له زبونه الخاص الذي يقدره ولكن سوق المستورد هو الرائج. يؤكد ذلك سعد سعيد تاجر ملابس قائلا: الزبون يطلب المستورد بغض النظر عن جودته رغم أن القطن الذي صنع منه المستورد مصري وتصديره أرخص من تصنيعه بالاضافة إلي ان الملابس المستوردة أرخص وموديلاتها متجددة. أما مجدي محمود تاجر أدوات مكتبية بمنطقة الفجالة فيقول أغلب المصريين يقبلون علي شراء المنتجات الصينية لأنها الأرخص علي الاطلاق والفلبينية جودتها أعلي وأغلي في السعر والفيتنامية بدأت في غزو الأسواق مثل الأقلام الرصاص وحاليا يتم الاستيراد من تنزانيا رغم رداءة منتجاتها لكنها أرخص وأولياء الأمور يفضلون الأرخص لكثرة استهلاك الأطفال. أحمد محمد محاسب يفضل المستورد من الأحذية والملابس ويهتم جدا ببلد المنشأ ويتأكد من أن الحذاء ايطالي أو فيتنامي ولا يشتري المصري أبدا. سوق كانتو أما رحاب عاطف ربة منزل فتقول انني لا أري غير المعروض من الصيني والتركي في الأدوات المنزلية والجديد البنجلاديشي وهو أجمل في الشكل ولا أفضل الأطباق المصرية لثقل وزنها وموديلاتها القديمة مؤكدة أن معظم أصحاب الحرف ماتوا وان الجيل الجديد منهم غير نشاطه. وتري هند حنفي أن الأحذية الصينية غزت المحلات وانها تتعب كثيرا حتي تجد حذاء مقاس 41 لصغر حجم المعروض لذلك تضطر للجوء للمحلات التي تبيع المقاسات الكبيرة وتضطر لشراء الأحذية المصرية بضعف الثمن هذا بخلاف الملابس التي لا تشبه ثقافتنا المصرية فهي جميلة الألوان ورخيصة في السعر ورديئة وتري أن مصر تحولت لسوق كانتو كبير. سامي عبدالمقصود موظف يحكي تجربته مع المستورد قائلا: اشتريت براد كهربائي تركي الصنع وفوجئت به بعد فترة يصدأ والياباني غالي الثمن وكذلك المصري فاضطررت لشراء آخر صيني. محمد أبوسريع يقول: أقوم بتجهيز شقة الزوجية وأضطر لشراء كل ما هو رخيص في الكهرباء رغم قلة جودته ولكن ما باليد حيلة. استيراد بلا ضوابط المهندس نبيل الشيمي رئيس غرفة صناعة الجلود يرجع فرضي الأسواق إلي ان الاستيراد يتم بدون ضوابط وترتب علي ذلك انسحاب عدد كبير من المصانع من السوق وتحولت العمالة المعطلة إلي قنبلة اجتماعية. ويضيف أن زيادة حجم المعروض يقلل من حجم الاستثمارات المباشرة مشيرا إلي ان العالم كله يضع ضوابط لحماية اقتصاده من زيادة الاستيراد عن الصادرات.. ويضيف أن ضوابط منع الاغراق موجودة ولكنها تفتقد للتطبيق مؤكدا ان أغلب المنتجات المصنعة في جنوب شرق آسيا غير جيدة وتمثل خطورة علي دخول المصريين لتلفها السريع وهناك منتجات ضارة بالصحة فالمستورد كل ما يهمه الربحية بغض النظر عن الجودة.. لذلك لابد للدولة أن تأخذ قرارات قاطعة. ويشير أحمد أبوجبل رئيس شعبة الأدوات الكتابية لدعم العملة الصينية ودعم المواد الخام والطاقة مع عدم فرض ضرائب علي الصناعة الصينية كلها عوامل ساعدت علي غزو المنتج الصيني لأسواق العالم وليس مصر فقط.. وأن حصول المصدر الصيني علي خصم من دولته علي صادراته بنسبة 16% يشجعه إن الانتاج والتصدير في المقابل الانتاج المصري يشكو ارتفاع المادة الخام والضرائب وأسعار الطاقة وتكلفة الأيدي العاملة.. فمثلا في الفلبين توجد هيئات تتبني تطوير الانتاج وتساعد في تكلفته حتي الملكية الفكرية تتبناها بعكس مصر انتاج بير السلم سعره أعلي من المستورد نظرا لتكلفته.. مشيرا إلي ان من أكثر المنتجات انتشارا في مصر هي التركي في الأدوات المنزلية والفلبيني في الأقلام.. في حين ان المنتج المصري لا يغطي سوي من 50% إلي 60% من حجم الاستهلاك لذلك نستورد حوالي 400.000 طن من الورق من أندونيسيا أي نصف استهلاكنا سنويا لذا لابد من دعم الدولة للطاقة وتوفير المواد الخام واستغلال العنصر البشري لحماية المنتج المصري للحد من الاستيراد لمحو الفكرة التي زرعها فينا المستعمر وهي "شرا العبد ولا تربيته".