المخادعة والخداع يعني التلون وعدم الثبات علي رأي. أو عدم الانضباط بخلق معين في التعامل. من أجل التغرير بالغير أو إيقاعه في المكروه تقول: خدع فلانا أي أظهر له خلاف ما يخفيه وأراد به المكروه من حيث لا يعلم. أما النفاق فهو إظهار غير الحقيقة دائما. كمن يظهر لك الصداقة. وهو في الوقت نفسه يضمر لك العداوة أو كمن يظهر الإيمان بشعائر الاسلام الظاهرة ويخفي الكفر بتحريف مقاصد الإيمان السمحة. تقول نافق فلان. أي أظهر خلاف ما يبطن. وبهذا يتضح الفرق بين المنافق وبين المخادع. فهما وإن اتفقا في إظهار خلاف الحقيقة. إلا إنهما يختلفان في السبب والطبيعة. فالمنافق يظهر خلاف الحقيقة بسبب ضعفه وعجزه عن مواجهة الناس بحقيقة أمره ومعتقده. ومن ثم صارت طبيعته مزدوجة الشخصية بصفة دائمة غالبا حتي يمكن القول بأن الكذب صار ديدنا له. أما المخادع فهو يظهر خلاف الحقيقة ليس ضعفا أو عجزا عن المواجهة بها وإنما لغرض خاص وهو الوقيعة بمن يخادعه. وإنزال المكروه به. فإذا تحقق ذلك توقف عن إظهار غير الحقيقة. إلا أن يريد تكرار الخدعة. وعلي هذا فإن النفاق صفة قبيحة في كل حال. لأنها إذا دخلت القلب لم تخرج منه إلا بعد القضاء عليه كالسرطان. كما أنها صفة هادمة للكرامة الانسانية. ولذلك كان وضع المنافق في الآخرة أسوأ حالا من كل المخطئين. قال تعالي: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصير" "النساء: 145". أما الخداع فهو صفة يرجع الحكم عليها باختلاف طبيعة المعاملة من حربية أو مدنية. فإن كانت المعاملة مع الغير حربية فإن الخداع يكون صفة ممدوحة. لأنها من الأسلحة القتالية المعروفة. لما أخرجه الشيخان عن جابر بن عبدالله أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "الحرب خدعة" أما إن كانت المعاملة مع الغير مدنية فالخداع يكون قبيحا. وشعبة من شعب النفاق. لقوله تعالي: "إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم" "النساء: 142" وقال تعالي: "ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون. وإذا قيل لهم لاتفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون. ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون. وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون" "البقرة: 8 13".