رفض المصريون حظر التجول في أيام حكم مرسي تحدوه وغيروا أنشطتهم من النهار إلي الليل. احرجوا المعزول وهو في عنفوانه ووسط جماعته. لعب المواطنون الكرة واقاموا السهرات والحفلات الليلية حتي الصباح ناموا نهاراً واستيقظوا ليلا. حتي اضطر صاغراً لإلغائه لأنهم شعروا انه يجرح كرامتهم ويقيد حريتهم بشكل سافر. هذه المرة الوضع مختلف رحب الجميع والتزم السواد الأعظم. الاستجابة كبيرة إلي أقصي حد. لسببين أولاً لأن المواطنين مقتنعون بأن حظر التجول من أجل المصلحة العامة. والأمن القومي والأمن العام ولمواجهة الإرهاب الذي لا يبقي ولا يذر ويستهدف كل ابناء الوطن وليس فئه بعينها. وقد جاءت النتيجة مبهرة. وهذا يدل علي الوعي الكبير والعالي للشعب المصري الذي يعرف كيف يميز بين الغث والثمين. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن. هل هذا له علاقة بنظام الحكم وما يحلو للبعض أن يطلق عليه القبضة الأمنية؟. وقد تعالت بعض الأصوات النشاز وغير الواعية تنعق بما لا تسمع وتردد الرفض لعودة الدولة البوليسية. وفي هذا ربط غريب وعجيب لا محل له من الواقع ولا الأعراب. وهي كلمة حق يراد بها باطل وتأتي في غير موضعها. لأنه لم يقل أحد بذلك علي الاطلاق ولا يوجد مصري واحد يقبل بعودة الدولة البوليسية ولا نظام مبارك. ولكن هناك فرق بين الأمن والتأمين وبين نظام الحكم. فلن يعود الاستقرار والانتاج إلا بعودة الأمن. منذ قيام ثورة يناير تدهورت كل الأوضاع والاحوال بسبب غياب الأمن. وعندما يعود نجد البعض يرفضه بشكل مقنع وعلي استحياء لأنهم يعلمون أنهم يتحدثون بشكل خاطيء وكأنه نوع من جس النبض. والحقيقة أنه لا يرفض عودة الأمن بقوة إلا البلطجية والخارجون علي القانون. والمستفيدون من الانفلات مثل تجار السلاح والمخدرات وغيرهم. وإن كانت الطواريء وحظر التجول ضد الحريات ولكن تفرضه الضرورة وليس من قبيل الترف ولا من قبيل التضييق علي الناس. ولذلك فإنني شخصياً أري عدم التسرع في إلغائه إلا بعد التأكد تماماً من استتباب الأمن. بل أطالب بضرورة مواصلة الجهود والحملات الأتية المشتركة من الجيش والشرطة بعد القضاء علي البؤر الإرهابية. بالاتجاه إلي البؤر الإجرامية والبلطجية وتجار السلاح والمخدرات وتحرير الأرصفة والشوارع من المحتلين ومواجهة كل أنواع الخروج علي القانون. ولابد هنا أن نفرق بين المواطنين الشرفاء وبين الذين يريدونها عوجا. الآن تتم الاستفادة من اخطاء الماضي وتصويبها. والتصرف بشكل سليم. وبما اننا نسير في هذا الاتجاه فيجب أن يكون أول قانون يقره مجلس الشعب القادم هو قانون تنظيم التظاهر. حتي لا تستمر مظاهر الفوضي علي ما كانت عليه خلال السنوات الثلاث الماضية. وان تستقر البلاد ويعود العباد لأعمالهم ومصالحهم. وأقولها صراحة وبوضوح لو تركت الأمور هكذا فلن تتوقف المطالب الفئوية والاعتصامات والاحتجاجات بل الأخطر من ذلك فإنه إذا جاء رئيس الجمهورية القادم من الليبراليين فسيخرج له الإسلاميون. وإذا جاء من الاسلاميين فسيخرج له الليبراليون. وبذلك ندخل دوامة لا أول لها ولا آخر. فيجب من الآن وضع حد لتلك المهزلة القادمة. ليس هذا تقييداً للحريات ولا تكميما للافواه. وإنما تنظيم للتصرفات وحفاظ علي الأمن والاستقرار طالما يكون ذلك بالقانون وكفانا فوضي وانفلاتاً نريد أن نعيش ولا نغفل ايضا أن هناك متربصين بهذا البلد ولا يريدون له أن يستقر أو ينهض. ويسعون لاستمرار حالة الارتباك والتخبط السياسي والاجتماعي والخلافات علي كل شكل ولون. وهذا في الداخل والخارج. ولا يخفي ذلك علي كل ذي عينين وما مواقف اوروبا وامريكا في هذه الأزمة ببعيد. المصريون مخلصون لبلدهم ولا يوجد شعب في مثل وطنيتهم. ولكن مطلوب المزيد من الوعي بالمخاطر المحدقة وبالمؤامرات التي تحاك ليلا ونهاراً. ويكفي ما لاقيناه منذ ثورة 25 يناير من سلبيات وخاصة في الاخلاقيات السيئة التي اظهرت "العورات" وكشفت السوءات. اتمني أن نفيق قبل فوات الأوان.