*** لو كنا نعمل لمصرنا.. بقدر ما نغني بحبها والهيام بها ليل نهار.. لو كنا نعمل بنسبة 1 في الألف فقط.. مقارنة بقصائد والياذات عشق مصر.. بالتأكيد لكان حالنا غير الحال.. وكنا بلا منازع وبفارق شاسع.. في صدارة الدول المتقدمة الكبري بل والعظمي في عالمنا المعاصر.. لكننا دائماً ما نعيش في عالم غير العالم.. ونحيا اللحظة بلحظتها.. ولا نعكر صفو دماغنا العالية بأي مشاكل أو أزمات وشيكة أو حتي قائمة.. إلا إذا تفاقمت وتحولت إلي أزمات كبري أو خطيرة.. دائماً نستهين ونهمل النار الخامدة تحت الرماد.. ولا نتحرك إلا إذا اشتعلت وتحولت إلي حرائق.. علي سبيل المثال.. ورغم ما لدينا ويمثلنا كمصريين وعرب ودول إسلامية من جيوش مجيشة من البعثات الدبلوماسية والإعلامية في كافة أرجاء الأرض "بما في ذلك دولة كوليشنستان".. رغم ذلك فإن وجودنا في ساحات الإعلام الخارجي غائب تماماً.. وليس له أي حضور أو تأثير.. رغم شرعية وعدالة قضايانا. *** المهم أننا دائماً ما نتحرك بعد خراب مالطة.. ونبدأ غالباً من الصفر.. حيث اعتاد أعضاء بعثاتنا المصرية في الخارج.. علي الاعتكاف في مكاتبهم معظم الوقت "ربما خوفاً من الفتنة".. وإن غادروها "لا قدر الله".. فغالباً ما يكون ذلك "لزوم" التشريفة والمشاركة في الحفلات الدبلوماسية والرسمية التي يدعون إليها.. والأهم مما سبق.. هو إعداد العدة لاستقبال والاحتفاء بكبار المسئولين والزوار القادمين من القاهرة أو حتي أفراد أسرهم ومعارفهم.. ويشمل ذلك إعلان حالة الطوارئ القصوي ومرافقة الضيوف ال"في أي بي" كظلهم طوال الرحلة.. بما في ذلك إعداد برامج شيقة "للفسح" والتسوق.. ولكن للحق والإنصاف.. لا يدخر الملحقون والمستشارون الإعلاميون ومعاونوهم جهداً في جمع وترتيب قصاصات الصحف المتعلقة بمصر.. ثم إرسالها إلي القاهرة.. كان الله في عونهم.. وفي السياق نفسه.. أتذكر أنني خلال بعثة دراسية في جامعة بوسطن الأمريكية.. وفي إطار بحث ميداني ضمن برنامج الدراسة.. أجريت حواراً مع رئيسة قسم الشئون الخارجية بجريدة "بوسطن جلوب".. أكدت فيه لكاتب هذه السطور.. أنني أول صحفي مصري وعربي تقابله في مكتبها طوال رحلتها الصحفية الطويلة.. مشيرة إلي أنه لا يكاد يمر شهر إلا وزارها في الجريدة دبلوماسي إسرائيلي.. أو أحد ممثلي اللوبي الإسرائيلي أو اليهودي في الولاياتالمتحدة.. هكذا يتحركون بشكل متواصل "لا يتوقف مطلقاً" علي كافة الجبهات الإعلامية والسياسية.. وكأنهم لا يفكرون في الحرب علي الإطلاق.. تماماً كما يستعدون للحرب علي مدار الساعة.. وكأنهم لا يعرفون شيئاً اسمه سلام.. الكل يؤدي عمله في مجاله وبشكل دائم وعلي خير وجه.. أما نحن فلا نتحرك إلا بعد وقوع الكوارث.. وقتها فقط تقوم الدنيا ولا تقعد لبعض الوقت.. ثم تعود ريمه لعادلتها القديمة أو مكاتبها الوثيرة لاتبارحها.. إلي أن تنتهي فترة البعثة وتكتمل "تحويشة العمر".. ثم إنه ليس ضرورياً إيفاد الأكفأ والإعلامي المتمكن المناسب في المكان المناسب.. المهم هو أن يكون من أهل الثقة.. أو من يحظون بالرضا السامي.. أو علي الأقل ممن يتمتعون بخفة الدم أو الظل.. المهم.. عرفتم لماذا نجح تنظيم "حتي لو كان دولياً" في تزييف الحقائق وترويج الأكاذيب.. في مواجهة الإعلام الخارجي لدولة بثقل وحجم مصر؟