بصراحة شديدة.. وايا كانت الملابسات والأسباب.. فيما آلت إليه كافة الأوضاع قبل ثورة 30 يونيو.. فالنتيجة واحدة.. وهي أن قادة ورجال جيش مصر وجدوا أنفسهم أمام واقع خطير.. حتم عليهم التدخل الفوري.. تلبية لاستغاثة أغلبية أبناء الشعب المسئولين عن حمايته.. فالوطن أو السفينة بدأت تغرق بالفعل.. وثبت ان الربان والطاقم السابقين.. لا علاقة لهم بالبحر أصلا.. وعاجزين عن قيادة حتي مركب بمجدافين..؟ ثم ماذا يفعل الفريق أول عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة ورفاقه.. إزاء استغاثة أغلبية أبناء شعبهم بهم لانقاذهم؟.. بعدما تأكد فشل القيادة.. أو خوفا من الاقتتال تمسكا بقيادة.. ثبت انه لا علاقة لها بأي قيادة..؟ فما بالك بقيادة أمة في حجم مصر.. وفي مرحلة تواجه فيها أمواجا عاتية من الداخل والخارج.. وإذا كانت هذه القيادة قد فعلت شيئا.. فهو صب الزيت دائما فوق النار وحتي آخر رمق.. كما انه هنيئا لهم الرضا السامي من جانب الهانم آن باترسون وعشيرتها في الباب العالي بواشنطن من مؤيدي الشرعية "فاقدة" الصلاحية وليست فقط المنتهية بالشرعية الثورية.. الشعبية الجارفة.. المهم أنه قبل نحو عام.. كانت أوضاع الوطن أو السفينة أفضل حالا.. عندما اختار أو انتخب الركاب أو المصريون الربان "الرئيس السابق محمد مرسي" بأغلبية ضئيلة للغاية.. تعكس انقساما حادا بينهم.. أكثر مما تعكس توافقا.. المهم أن الربان الزم نفسه بسلسلة من التعهدات والوعود لانقاذ السفينة وركابها جميعا.. بدون تفرقة بين من اختاروه أو العكس. وكان واضحا منذ البداية.. ان الرئيس السابق وقيادات جماعة الإخوان اساءوا أو استخفوا "ربما للغرور".. فيما يتعلق بتقدير الحقائق والأوضاع والتحديات وسبل الانقاذ.. وأول هذه التحديات واخطرها.. هو الاستقطاب الحاد الذي عكسته نتيجة المرحلة الثانية من انتخابات الرئاسة.. وقبل ذلك وأهم منه.. هو ان هناك تخوفا وتوجسا واسعا من الإخوان والتيارات الإسلامية داخل قطاعات مؤثرة في المجتمع المصري.. وهو ما بدأ جليا في تركيز الإخوان علي الانتخابات وتراجعهم المستمر عن وعودهم السابقة في هذا الصدد.. مستغلين استعدادهم وتواجدهم في الشارع الانتخابي.. ناهيك عن تخليهم عن الوقوف إلي جانب الثوار في مواقف حرجة.. وكان الأحري بهم ان يبدأوا ويركزوا علي بناء الثقة مع بقية أطياف المجتمع.. من خلال مصالحة وطنية فعلية.. وليست بوعود وتعهدات متتالية تتبخر في الهواء.. المهم أن المحصلة النهائية.. أن السفينة وركابها المهددين بالغرق أصلا.. اصبحوا يقتربون من الغرق يوما بعد الآخر.. خاصة أن الربان.. وبدلا من الاستعانة بطاقم أكثر خبرة وكفاءة.. أولا ليعاونه بقدراته في عملية الانقاذ المصيرية.. وثانيا لتوحيد الركاب أو الشعب المنقسم علي نفسه بدلا من ذلك.. لجأ الربان للاستعانة بأنصاره وأهل الثقة.. سواء في تشكيل الحكومة والمحافظين والعديد من القيادات التنفيذية.. إلي جانب طاقم مستشاريه ومساعديه في مؤسسة الرئاسة.. وكانت البداية سلسلة التراجعات والقرارات الكارثية التي عاصرناها جميعا.. في الوقت نفسه.. ازداد تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمعيشية والسياسية يوما بعد الآخر.. حتي بدأت السفينة تغرق بالفعل كما قلنا.. وشعر غالبية الركاب بالكارثة أو الكوارث الوشيكة.. فاستغاثوا بالجيش لانقاذهم.. واعترض أنصار الربان ومؤيدوه.. بدعوي أن الركاب هم الذين انتخبوا الربان ولمدة 4 سنوات.. لكن هل الحكمة تقضي بالغرق واستكمال السنوات ال 3 المتبقية جماعة ركابا وربانا في العالم الآخر..؟ أم أن الغرق عليه أن ينتظر حتي تنتهي فترة الربان؟!