يحرم علي الأب كما يحرم علي سائر الناس أن يجبروا الفتاة علي زواج من لا تريد. لأن الزواج من الخصوصيات التي يحترمها الإسلام لكل إنسان. من باب التكريم الثابت في قوله تعالي: "ولقد كرمنا بني آدم" "الإسراء: 70". فمن دواعي التكريم أن يستقل كل إنسان ذكراً كان أو أنثي بخصوصياته. وإذا كان الوالدان لهما حق البر والطاعة في المطلق كما قال تعالي: "واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً" "النساء: 36". وكما قال سبحانه: "وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً" "الإسراء: 23" فإن هذه الطاعة لا تشمل الخصوصيات. لما فيها من الظلم والاعتداء علي حق النفس. فقد أخرج الشيخان من حديث علي بن أبي طالب. أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "الطاعة في المعروف". ولا يجوز لأحد أن يدعي شمول حق الوالدين في طلاق أو زواج أبنائهما بدون اختيارهم. استدلالاً بما أخرجه ابن حبان عن ابن عمر. انه تزوج بامرأة وكرهها عمر فأمره بطلاقها. فذكر ذلك للنبي. صلي الله عليه وسلم. فقال "أطع أباك". لأن هذا ورد علي سبيل النصح ولم يرد علي سبيل الإيجاب. فكراهية الفاروق عمر لها دليل علي سوء سلوكها. ويدل علي تحريم تزويج البنت دون إذنها: ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة أن النبي. صلي الله عليه وسلم. قال: "لا تنكح الأيم حتي تستأمر ولا تنكح البكر حتي تستأذن". قالوا: يا رسول الله. وكيف إذنها والبكر تستحي قال: "أن تسكت". وفي رواية: "رضاها صمتها".