* تسأل منار محمد من الإسماعيلية : في بعض البلاد يزوج الأب ابنته دون أن يأخذ رأيها. وقد تكون كارهة لهذا الزوج. فهل هذا الزواج صحيح؟ ** يقول الشيخ عبدالحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي بالأزهر سابقاً: روي البخاري أن خنساء بنت خزام زوجها أبوها وهي كارهة وكانت ثيباً. فأتت رسول الله صلي الله عليه وسلم فرد نكاحها وفي السنن أن جارية بكر أتت النبي صلي الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلي الله عليه وسلم يعني جعل لها الخيار في امضاء هذا الزواج أو فسخه. وروي أن رجلاً زوج ابنته بغير استشارتها فشكت إلي النبي صلي الله عليه وسلم وقالت إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته فجعل الأمر إليها ليس للآباء من الأمر شيء. وروي أن امرأة قتل عنها زوجها يوم أحد. ولها منه ولد. خطبها عم ولدها ورجل آخر فزوجها أبوها من هذا الرجل فشكت. إلي النبي صلي الله عليه وسلم أنها لا تريده وتريد عم ولدها لأنه أخذ منها ولدها فقال لأبيها: "أنت الذي لا نكاح لك اذهبي فانكحي عم ولدك". وروي الحارث في مسند أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لرجل زوج ابنته دون أن يستشيرها "أشيروا علي النساء في أنفسهن". إن استبداد الولي باختيار الزوج وانفراده بالعقد.. هو جناية علي المرأة واستهانة بعواطفها وإحساساتها وكان العرب يستشيرون بناتهم في الزواج قبل الإسلام. فجاء الإسلام واحترم رأيها كجزء من تكريمه لها وجاء في ذلك عدة أحاديث منها: "لا تنكح الأيم حتي تستأمر ولا تنكح البكر حتي تستأذن قالوا يارسول الله وكيف اذنها قال أن تسكت". وفي رواية "الثيب أحق بنفسها من وليها. والبكر تستأذن.. وإذنها سكوتها" والأيم في اللغة من لا زوج لها ثيباً كانت أو بكراً صغيرة أم كبيرة واختلف العلماء في المراد بها في هذا الحديث فالجمهور علي أن المراد بها الثيب أي التي سبق لها زواج وقال الكوفيون هي كل امرأة لا زوج لها. وقالوا: كل امرأة بلغت فهي أحق بنفسها من وليها وعقدها علي نفسها النكاح الصحيح وقال أبو يوسف: تتوقف صحة النكاح علي اجازة الولي واختلفوا أيضاً في عبارة "أحق بنفسها من وليها". هل هي أحق بالإذن فقط أم بالإذن والعقد علي نفسها؟ فعند الجمهور هي أحق بالإذن فقط أما الذي يتولي العقد فهو وليها. وقال الكوفيون هي أحق بالإذن وإما بالسكوت من البكر. وقد رد النبي صلي الله عليه وسلم الأمر إلي من زوجت بغير رضاها إن شاءت أمضت وإن شاءت رفضت. ومن هنا لابد من احترام رأي المرأة وتعاون ولي أمرها معها في اختيار زوجها فالرجل له من عقله الراجح وتجاربه ما يوجه عاطفة المرأة وبخاصة إذا كانت بنته فالزواج يحتاج إلي العقل والعاطفة معاً. والله تعالي أعلم.