الاستخارة هي طلب الاختيار من الله تعالي عند التردد بين أمرين أو أكثر. فإذا احتار المسلم بين أمرين متساويين في نظره فله ان يستشير أحداً من أهل الخبرة. كما قال تعالي: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون" "النحل: 43" وله ان يستخير الله تعالي. لما أخرجه الطبراني بسند فيه مقال. من حديث أنس بن مالك. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "ما خاب من استخار ولا ندم من استشار". الاستخارة سنة مؤكدة. لا يأثم من تركها وإنما يحرم ثوابها وخيرها. وتكون الاستخارة بالدعاء. كما تكون بصلاة مخصوصة مع الدعاء. "1" أما الاستخارة بالدعاء فقد نص عليها جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية. وتكون في حال الاستعجال التي لا يتمكن فيها المسلم أو المسلمة من الصلاة. ويجوز الدعاء بغير وضوء. وان كان الأفضل ان يكون بالوضوء. وبخاصة عقيب أي صلاة. وذهب الحنابلة إلي أن الاستخارة لا تكون إلا بالدعاء عقيب ركعتين يصليهما بهذه النية. اتباعاً لما ورد. "2" وأما الاستخارة بالصلاة المخصوصة المعروفة بهذا الاسم فقد أجمع عليها الفقهاء في الجملة. لما أخرجه البخاري من حديث جابر بن عبدالله. قال: كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما كان يعلمنا السورة من القرآن. يقول: "إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة. ثم ليقل: اللهم إني استخيرك بعلمك. واستقدرك بقدرتك. واسألك من فضلك العظيم. فإنك تقدر ولا أقدر. وتعلم ولا أعلم. وأنت علام الغيوب. اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي. ويسره لي. ثم بارك لي فيه. وإن كنت تعلم ان هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه. واقدر لي الخير حيث كان. ثم أرضني به". قال جابر: ويسمي حاجته. صلاة الاستخارة سنة بالإجماع. ولا تكون فريضة إلا بالنذر في الجملة. وهي ركعتان يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وجوباً. كما يقرأ ما تيسر من القرآن الكريم إن شاء. وإلي هذا ذهب الحنابلة. أما جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية فقالوا: يستحب ان يقرأ من يصلي الاستخارة في الركعة الأولي بعد الفاتحة سورة "قل يا أيها الكافرون". وفي الركعة الثانية بعد الفاتحة سورة "قل هو الله أحد". قالوا: لأن سورة "الكافرون" فيها البراء من الشرك. وسورة "الإخلاص" فيها الولاء لله تعالي الواحد الأحد. وهذا يناسب صلاة الاستخارة التي يرجو العبد فيها ربه ان يختار له. فكأن المستخير يتقرب إلي الله تعالي في صلاته بما يرجو استجابة دعائه. وعلي المستخير ان لا يتعجل الإجابة. لما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل. يقول: دعوت فلم يستجب لي". ويجوز للمستخير ان يكرر الاستخارة إلي سبع مرات فإن بان له الحق وإلا فالأمران سواء. لما أخرجه ابن السني بإسناد واهي عن أنس. ان النبي - صلي الله عليه وسلم - قال له: "يا أنس إذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات. ثم انظر إلي الذي يسبق إلي قلبك فإن الخير فيه".