تفجرت أزمة جديدة بين محافظة دمياط ووزارة الأوقاف بعد أن جددت الوزارة طلبها بملكية 420 ألف فدان بمحافظات دمياط والدقهلية وكفر الشيخ استنادا للوقف الخيري للأمير مصطفي عبد المنان والتي ترجع إلي عام 1008 هجرية والتي سبق رفضها وشكك فيها محافظو المحافظات الثلاث علي مدي أكثر من 25 عاما.. ووفقا للحجة المزعومة فإن الوزارة تطالب بملكية مصايف الدلتا الثلاث رأس البر وبلطيم وجمصة وحقول البترول الجديدة إضافة إلي ميناء دمياط ومدينة دمياط الجديدة ومركزي كفر سعد وكفر البطيخ وأكثر من 50 % من مدينة دمياط عاصمة المحافظة إضافة إلي ما يمثله ادعاء الوزارة من تهديد لملكيات المواطنين والتي استقرت مئات السنين حيث تتضمن هذه الحجة حوالي 90 ألف فدان في محافظة دمياط و 74 ألف فدان بالدقهلية و 256 ألف فدان بكفر الشيخ. تجددت الأزمة عندما فوجئ اللواء محمد علي فليفل محافظ دمياط بطلب الدكتور طلعت عفيفي وزير الأوقاف إحياء حجة المنان خلال زيارته للمحافظة الأسبوع الماضي ومؤكدا أن الوزارة لن تتنازل عن حقوقها الشرعية والقانونية في هذه الأراضي.. رد فليفل قائلا إن هذه الحجة محل شك وذلك ثابت في مكاتبات بين المحافظين السابقين والوزارة علي مدي سنوات طويلة.. أضاف فليفل أنه حتي لو كانت الحجة صحيحة يكون قد تمت مصادرة أراضيها عام 1954 وفقا لقانون تحديد الملكية الذي صدر بعد ثورة يوليو ويكون المنان مالكا لمائة فدان فقط بحكم القانون. رد الوزير قائلا ليس لدينا مانع من استثمار الأراضي بين الوزارة والمحافظة إلا أن المحافظ رفض قائلا ان دمياط واقع عليها ظلم كبير من مختلف الوزارات التي تمكنت "في غفلة من أهلها" من السيطرة علي 86% من أراضي المحافظة موزعة بين 21 % لوزارة الإسكان و 42 %للثروة السمكية و8% للإصلاح الزراعي و 15% لوزارة الأوقاف ولذلك فإن دمياط ليست علي استعداد للدخول في أي شراكة جديدة تكون سببا أو مقدمة إلي فقدان المزيد من أراضيها. ترجع الأزمة بين وزارة الأوقاف والمحافظات الثلاث إلي منتصف الثمانينيات من القرن الماضي عندما تذكرت الوزارة - فجأة- أنها تمتلك 420 ألف فدان في هذه المحافظات وقدمت لتأييد ادعائها حجة منسوبة للأمير مصطفي عبد المنان صادرة في شهر رجب عام 1008 هجرية ومصدق عليها من قاضي قضاه مصر ووقع عليها فيضي الله أفندي ناظر الوقف بوقف هذه الأراضي لوجه الله والخير.. إلا أن الحجة ظلت محل شك وإنكار حيث تعرضت للعديد من الدعاوي القضائية أقامها مواطنون يدعون ملكيتهم لبعض أعيان هذا الوقف إضافة لعدة محاولات لتزوير الحجة قام بها بعض موظفي الأوقاف وأحيلوا للنيابة العامة التي قدمتهم إلي محكمة الجنايات والتي قضت بحبسهم في الستينيات وهذا ما دفع محافظي المحافظات الثلاث إلي إنكار الحجة وعدم الاعتراف بها وهو ما كان سببا في نزاعات مستمرة بين هذه المحافظات والأوقاف طوال ال 25 سنة الماضية كان أشهرها النزاع مع هيئة الأوقاف حول ملكية مساحات من الأراضي بالساحل الشمالي إضافة إلي نزاع آخر مع جهاز تعمير مدينة دمياط الجديدة والذي عرض علي مجلس الوزراء عام 1996 وتمت إحالته إلي اللجنة العليا للتشريع لدراسة القضية برمتها وانتهي تقرير اللجنة إلي أن حجة المنان لا تنطبق علي الأراضي المتنازع عليها وأن الدولة تضع يدها فعليا علي الأراضي في الوقت الذي لم تقدم الأوقاف أي مستندات تؤكد صحة موقفها إضافة إلي صدور حكم قضائي من محكمة دمياط الابتدائية لصالح هيئة المجتمعات العمرانية وجهاز تعمير دمياط الجديدة والذي نص علي منع تعرض هيئة الأوقاف لها في استغلالها لهذه الأراضي والتي تم تخصيصها لها بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 546 لسنة 1980 والخاص بإنشاء ميناء دمياط.. وبعد حكم المحكمة وتقرير اللجنة العليا للتشريع هدأت الأمور عدة سنوات وتراجعت الوزارة عن المطالبة بملكية هذه الأراضي حتي تفجرت القضية مرة أخري في عام 2007 عندما قامت هيئة الأوقاف ببيع مساحات من الأراضي ضمن حجة المنان المزعومة بمصيف رأس البر بمبلغ 40 مليون جنيه وتصدي لهم محافظ دمياط الأسبق الدكتور فتحي البرادعي ووزير الإسكان السابق والتي وصلت الأزمة مداها بينه وبين الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف الأسبق إلي حد مطالبة الوزير للمحافظ بإعادة أكثر من 500 مليون جنيه قيمة الأراضي التي باعتها المحافظة برأس البر في عدة مزادات برغم ملكيتها للوزارة.. بينما أصر البرادعي علي استرداد 40 مليون جنيه ثمن الأراضي التي باعتها هيئة الأوقاف في رأس البر باعتبارها أراضي دولة مملوكة للمحافظة ووصل الأمر إلي تهديد البرادعي لوزير الأوقاف بإقصائه في أول تعديل وزاري استنادا إلي علاقته المتميزة مع الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق وهو ما دفع هيئة الأوقاف وقتها إلي نشر تحذيرات في الصحف تؤكد ملكيتها للأراضي التي تعرضها المحافظة في مزادات فلجأ البرادعي إلي الدكتور نظيف طالبا تدخله ومؤكدا أن هذه الأراضي أملاك دولة وذلك ثابت في أول تسجيل رسمي للأراضي المملوكة للدولة عام 1903 إضافة إلي تقارير خبراء وزارة العدل في كثير من القضايا والتي أكدت فيها عدم وضوح المعالم والحدود الدقيقة لهذا الوقف بسبب تعذر إمكانية قراءة الحجة وهناك استحالة لتطبيق الحدود الواردة بالحجة علي الطبيعة لخلوها من أية بيانات مساحية واضحة كما أن المكاتبات العقارية التي كانت تقدم كمستندات ملكية قبل إنشاء مصلحة الشهر العقاري خلت من أي إشارة إلي وقف أو حجة باسم الأمير المنان كما لم يرد أي ذكر لها في السجلات الرسمية التي أنشأت بالمديريات ومن بعدها المحافظات بعد عام 1903 بداية تسجيل زمام أراضي الدولة.. فضلا عن وقوع محاولات تزوير للحجة الأصلية وتغيير اسم الوقف إلي وقف "مصطفي بن عبد الله الكبير" وبالفعل حسم نظيف الأزمة لصالح البرادعي الذي كان صديقا حميما له قبل أن تتأزم الأمور بينهما بسبب مصنع أجريوم الذي كان يطالب نظيف بإقامته بدمياط بينما كان البرادعي يرفضه وقاد حملة شعبية ضد رغبة نظيف.. المهم أن نظيف أجبر وزارة الأوقاف علي إعادة حصيلة بيع الأراضي التي قامت ببيعها هيئة الأوقاف إلي خزينة محافظة دمياط.. بعدها عاد ملف القضية إلي أدراج وزارة الأوقاف واعتقد الجميع أن الأزمة قد انتهت إلي الأبد إلي أن فجرها وزير الأوقاف لتظل مشتعلة حتي إشعار آخر..!