نتيجة للتطورات المعلوماتية والانفجار المعرفي واقتحام التقنيات الحديثة معظم مجالات الحياة توافرت أنماط تعليمية غير تقليدية وأخذت تنمو وتزدهر خاصة في الآونة الأخيرة مثل التعليم عن بعد والتعليم المفتوح والتعليم الإلكتروني. وليس هناك شك في أن التقنيات التي فرضت نفسها علي الواقع التعليمي وساهمت بصورة كبيرة في الاعتماد علي تلك الأنماط الحديثة للتعلم ساعدت علي تقديم حلول جذرية للعديد من المشكلات المزمنة والتي يعاني منها التعليم التقليدي. وقد بات عصر التعليم عن بُعد والتعليم المفتوح واقعاً يمكن تحقيقه بعد أن كان حلماً بعيد المنال. وقد بدأ الحديث مؤخراً عن إجراء دراسات بالمجلس الأعلي للجامعات لإنشاء هيئة مستقلة للإشراف علي التعليم المفتوح بالجامعات المصرية لتضع ضوابط ومعايير موحدة لهذا النمط التعليمي وتضمن تقديمه بجودة كافية. خاصة بعد ضعف الثقة في خريجي التعليم المفتوح مما ترتب عليه صعوبة حصول الخريجين علي فرصة عمل بالقطاع الخاص أو بالخارج. وأصبح التعليم المفتوح بمصر هو وسيلة لموظفي الحكومة للحصول علي شهادة جامعية للترقي لدرجة أعلي دون أن تجد الجهات الحكومية أي تحسن في مهارات أو كفاءة موظفيها. ورغم التحديات التي تواجه تطبيق الأنماط التعليمية الحديثة بمصر إلا أنها الوحيدة القادرة علي استيعاب الزيادة المتوقعة في أعداد طلاب الجامعات المصرية خلال عشر سنوات والتي تقدر بمليون طالب إضافي. كما أن تطبيق نظم التعليم عن بعد والتعليم المفتوح يحتاج إلي تدريب الطلاب والأساتذة علي استخدام النظم والأدوات التعليمية الحديثة وتوفير بنية أساسية علي درجة عالية من الاعتمادية تسمح بتقديم الخدمات التعليمية للمتعلم والتواصل بينه وبين المعلم بصورة مستمرة. وإتاحة محتوي تعليمي ثري يشجع المتعلم علي التواصل والاستمرار في تلقي العلم من خلال التقنيات والأساليب المختلفة. ويتطلب إعداد البنية التحتية لبيئة التعليم عن بعد توفير شبكات معلومات وتطبيقات ونظم معلومات إدارية ومحتوي إلكتروني بصور وأنماط مختلفة تتناسب مع متطلبات وأهداف البرنامج التعليمي الذي يقدم عن بعد. ولعل الاهتمام بوضع منظومة موحدة لتحقيق الاعتماد الأكاديمي بين جميع الجامعات التي تقدم التعليم عن بعد والتعليم المفتوح بمصر يكون نواة لوضع معايير إقليمية موحدة علي مستوي الدول العربية والإفريقية وهذا بالطبع سيؤدي إلي الاعتراف المتبادل بخريجي هذا النوع من التعليم. ويمكن اعتبار الجامعة المصرية للتعليم الالكتروني أكثر الكيانات الأكاديمية بمصر التي طبقت التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد بين فروعها المنتشرة بجامعات عين شمس وطنطا وأسيوط بصورة نموذجية يمكن الاسترشاد بها والاستفادة بالخبرات التي تراكمت لديها. ونأمل أن تضع الهيئة الجديدة للتعليم المفتوح بمصر في أولويات أعمالها وضع معايير اعتماد هذا التعليم ومتطلبات تطبيقه ومراقبة جودة مخرجاته والتنسيق بين مؤسسات التعليم المفتوح بمصر وإقامة شبكة متكاملة من المعلومات التي تحتاجها وأخيراً التوسع في الاعتراف الأكاديمي لخريجي هذا التعليم بداخل مصر وخارجها.