حمل الربيع العربي في طياته الكثير من التغييرات.. فبجانب الثورات والانتفاضات في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا والتي رفعت كلها شعارات موحدة تدور حول العدالة والحرية والكرامة الانسانية طرأت تحولات جديدة علي مجالي الإعلام والاتصال في هذه الدول حيث يعود الفضل الأساسي لشرارة الثورات العربية للإنترنت عموما ولشبكات التواصل الاجتماعي خصوصا. كان الإعلام مجسدا للواقع العربي وقهره - خاصة الرسمي منه - حيث كان إعلاما غير مهني وأحادي الرأي وفي المقابل لعب الإعلام غير الرسمي عبر الإنترنت دورا مهما في هذا الربيع سواء تعلق الأمر بإشعال شرارته الأولي أو باستمراره وانتشاره بل أصبح بعد حصول التغيير المعبر الأول عن مدي تجسيد هذه المطالب علي أرض الواقع. علي الرغم من وجود وسائل إعلام رسمية "صحف. اذاعات. فضائيات" تابعة للحكومات التي تعكس من خلالها رؤية السلطات والتي تتسم بعدم الحرية وتزييف الحقائق.. كانت هناك وسائل إعلام غير حكومية. تأسست بمبادرة من أصحاب رءوس الأموال المقربين في معظم الأحيان من حكام أو أحزاب تحاول أن تتلمس حريات أكثر اتساعا من السائدة.. وفي هذا السياق يسجل للفضائيات المصرية نجاحها باستيعاب هذه المبادرات وتطويرها قبل 25 يناير وان كان يسجل عربيا للقنوات اللبنانية ريادتها في هذا المجال. وقد أصبح الإنترنت عنوانا لهذا الربيع العربي. ونسب إليه الفضل في الكثير مما عرفته الجغرافيا العربية من أحداث وتطورات وتغييرات. لكن بحكم تفشي الأمية والفقر في المجتمعات العربية كانت الفضائيات سيدة الموقف وتحديدا الفضائيات العابرة للحدود الوطنية.. فبعد أن نجحت قناة "سي ان ان" الأمريكية في ان تكون مرجعية الأخبار في حرب الخليج الثانية. وبعد أن اكتشفت الدول العربية حالة العداء المستشري لسياستها ومواقفها في الأوساط الشعبية إلا ان التزام هذه الوسائل العربية بالسقف الذي حددته سياسات الدول الراعية والمالكة لها. وعدم اختلافها في أي شيء "باستثناء برامج المنوعات والمهنية الصحفية" عن القنوات الوطنية في تلك الدول. أفقدها شيئا فشيئا قوة التأثير السياسي المطلوب. تجدر الاشارة إلي أن الهيمنة السابقة للقنوات العربية العابرة للحدود كانت تعود بالاضافة إلي المهنية والحرية والانفتاح إلي اعطائهما اهتماما بارزا بالقضايا الساخنة العربية والإسلامية مثل القضية الفلسطينية والعراق ولبنان وأفغانستان. وهي قضايا توارت إلي الخلف بسبب التحولات الجارية في المشهد السياسي العربي فيما تصدرت المشهد القضايا المحلية. ان مبادرة تحريك الشارع العربي انطلقت من شبكات وسائل الاتصال الاجتماعي بل ان صحيفة لوموند الفرنسية قالت "ان الثورات العربية بنت الإنترنت" مضيفة أن ذلك "كان طبيعيا لأن وسائل الإعلام التقليدية تراجعت لصالح وسائط الاتصال الاجتماعي".