جريمة القتل هي أبشع وأسوأ الجرائم الإنسانية علي الإطلاق وقد أجمع أهل الشرع والعقل علي إنكارها وأنها من الكبائر العظام. قال تعالي: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جلعنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا "الإسراء: 33" وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة. أن النبي. صلي الله عليه وسلم قال: "اجتنبوا السبع الموبقات -أي المهلكات- وذكر النبي صلي الله عليه وسلم منها: "قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق".. والحق الذي أجاز الإسلام القتل به هو ما كان مأذونا فيه من الشارع بنص صحيح. وهذا الإذن من الشارع للحاكم وليس لأحاد الناس حتي لا يعتدي أحد علي أحد وقد أوجز النبي صلي الله عليه وسلم هذا الحق فيما أخرجه الشيخان من حديث ابن مسعود فقال: "لا يحل دم امريء مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدي ثلاث: النفس بالنفس. والثيب الزاني. والتارك لدينه المفارق للجماعة" وليس من هذا الحق بالإجماع: تلبية طلب المريض في تخليصه من آلام المرض. فمن يقتل هذا المريض متعمدا استجوب القصاص شرعا. لأنه أهدر نفسا بريئة معصومة بغير حق وإذن المقتول ليس عذرا لأن إذنه كعدمه فالإنسان أمين علي حياته. وحارس عليها فلو قتلها أو أذن في قتلها كان خائنا للأمانة. والخائن لا عهد له ولا كلمة له. قال تعالي: "ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما" النساء: ..29 وقال تعالي: "ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة" البقرة: 195 وقال تعالي: "ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما" النساء: ..107 وكان الواجب علي هذا القاتل أن يعالج هذا المريض من آلامه أو أن يرشده إلي طريق العلاج أو الصبر لما أخرجه أحمد وبعض أصحاب السنن وصححه الترمذي من حديث أسامة بن شريك أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا الهرم" وأخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لابد متمنيا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي".. وأما هذا المقتول برغبته فليس منتحرا -علي المختار- لأنه لم يباشر قتل نفسه وإن كان قد أذن في ذلك وطالما وجد المباشر العامد فهو القاتل المستحق للقصاص دون المتسبب تخريجا علي مذهب الحنفية في غير الإكراه.. وأما الجمهور الذين يرون مساواة المتسبب والمباشر في صفة القتل العمد فإن المقتول برغبته وطلبه له حكم المنتحر. ومن قتله له حكم القاتل عمدا فكلاهما في نار جهنم إلي ما شاء الله أما المنتحر فيدل علي عذابه: ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من تردي من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردي فيها خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تحسي سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا وأما القاتل فيدل علي عذابه: قوله تعالي: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما" النساء: .93