الموت خلق لله كالحياة قال تعالي: "تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور" "الملك 1. 2" وهذا يوجب علي المسلم أن يكون بحثه عن الموت للاسراع في عمل ينفعه وينفع الناس من بعده لا أن يحتسب - علي نظام القمار - في أي يموت وفي أي يوم ساعة تقبض روحه ثم يبني علي ذلك مصيره من النعيم أو الشقاء. ان النعيم أو الشقاء بعد الموت مرتبط بالعمل وليس مرتبطا بالحظ في أي ساعة يموت فيها الإنسان. قال تعالي "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثال ذرة شرا يره" "الزلزلة 7. 8". لقد مضي علي الناس جمع كثيرة وسبوت كثيرة وآحاد كثيرة وكل ايام الاسبوع يموت فيها مسلمون وغير مسلمين. أولياء وأشقياء. فلو كان الموت في أحد أيام الأسبوع سببا أو امارة لنيل رحمة الله وفضله لما مات أحد من الجبابرة في يوم الاثنين الذي مات فيه الرسول صلي الله عليه وسلم أو لحقق الله تعالي لأبي بكر الصديق رجاءه في أن يكون موته يوم الاثنين كما كان الحال في رسول الله صلي الله عليه وسلم فقد اخرج البخاري تحت عنوان "باب موت يوم الاثنين" حديث عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي أبي بكر رضي الله عنه فقال: في أي يوم توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قالت: يوم الاثنين: وأي يوم هذا؟ قالت: هذا يوم الاثنين. فقال أرجو فيما بيني وبين الليل. ثم قالت عائشة: فلم يتوف حتي أمسي من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح. قال الزين بن المنير: ان ترجمة الإمام البخاري لهذا الحديث بقوله "موت يوم الاثنين" فيه تعريض بضعف ما ورد في فضل الموت يوم الجمعة وهو ما أخرجه الترمذي بسنده عن عبدالله بن عمرو بن العاص ان النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر". قال الترمذي: هذا حديث غريب وليس اسناده بمتصل وبهذا يتضح انه لا يجوز أن نرتب آثارا مصيرية بالرحمة أو الشقاء لمجرد موت الإنسان في يوم دون يوم لأن تعيين وقت الموت ليس لأحد فيه اختيار مع ما نراه من موت أهل الصلاح وأهل الفساد في كل يوم.. وإذا أردنا أن نعرف مصير الإنسان بعد موته من الرحمة أو الشقاء فبعمله الصالح الذي يتركه من بعده ويشهد له بذلك الناس فقد اخرج الحاكم وصححه - وأصله في الصحيحين - من حديث أنس بن مالك قال: كنت قاعدا مع النبي صلي الله عليه وسلم فمر بجنازة فقال: ما هذه الجنازة؟ قالوا: جنازة فلان الفلاني. كان يحب الله ورسوله ويعمل بطاعة الله ويسعي فيها فقال صلي الله عليه وسلم "وجبت وجبت وجبت" ومر بجنازة أخري قالوا: جنازة فلان الفلاني. كان يبغض الله ورسوله. ويعمل بمعصية الله ويسعي فيها. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم "وجبت وجبت وجبت" فقالوا: يا رسول الله قولك: "وجبت وجبت وجبت" في الجنازتين؟ فقال صلي الله عليه وسلم: "نعم يا أبا بكر. ان لله ملائكة تنطق علي ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر" وفي رواية عند البخاري: قال: "هذا اثنيتم عليه خيرا فوجبت له الجنة وهذا اثنيتم عليه شرا فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض" وهكذا كان سؤال النبي صلي الله عليه وسلم عن عمل صاحب الجنازة وشهادة الناس له وليس عن أي يوم مات فيه أو أي ساعة قبض فيها.