ذكر الله تعالي في سورة الفرقان صفات عباد الرحمن من أول قوله تعالي: "وعباد الرحمن الذين يمشون علي الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما". "الآية:63" حتي ذكر من صفاتهم: "والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعمياناً". "الآية:73". اي إن من صفات عباد الرحمن المكرمين ان الواحد منهم إذا خرج عن الطريق الصحيح فتذكر. أو ذكر من قبل أحد أيا كان بآيات الله أو شرعه لم يستكبر. ولم تأخذه العزة بالإثم. بل يستجيب ويلين إلي الحق فوراً. كما قال تعالي في سورة الأنفال: "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلي ربهم يتوكلون". "الآية:2". وهذه الصفة الجليلة. وهي صفة الخشية والحياء من الله تعالي لا يتحلي بها الكافر أو المنافق» لأنه لا يتأثر بآيات الله. ولا يستحي من أن يأكل ويعيش في رزق الله ثم يجهر بمعصيته ويبقي مستمراً علي طغيانه وجهله وضلاله. كما قال تعالي: "وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلي رجسهم وماتوا وهم كافرون". "التوبة: 124.125". وهذه البلادة في الإحساس عند ذكر آيات الله مردها حرمان اصحابها من الحياء» لما أخرجه البخاري عن أبي مسعود. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "أدرك الناس من كلام النبوة الأولي إذا لم تستح فأصنع ما شئت". وأما المؤمن الحق فإنه يتحلي بالحياء. فقد أخرج البخاري عن عبدالله بن عمر. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - مر علي رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء. يقول: إنك لتستحي حتي كأنه يقول: قد أضر بك. فقال رسول الله - صلي الله عليه وسلم -: "دعه فإن الحياء من الإيمان". وأخرج مالك وابن ماجة عن أنس أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء". والحياء من الله ليس كلاماً يقال. وإنما هو منهج حياة. فقد أخرج أحمد والترمذي بسند فيه مقال عن عبدالله بن مسعود. ان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - قال: "استحيوا من الله حق الحياء". فقيل: يا رسول الله. إنا نستحي والحمد لله. قال: "ليس ذاك. ولكن الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعي. والبطن وما حوي. ولتذكر الموت والبلي. ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا. فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء".