الخطبة بكسر الخاء هي التماس النكاح. أي طلب الزواج ممن يجوز الزواج منه شرعاً. سواء كان الطلب من الرجل أو من المرأة. لعموم قوله تعالي : "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" [البقرة : 228]. وقد اتفق الفقهاء علي وجوب احترام المجتمع للخطبة دون إلزام الخاطبين بها .. بمعني أنه يحرم علي كل أحد من المكلفين ذكراً أو أنثي يعلم بالخطبة أن يزايد عليها بخطبة أخري لعموم ما أخرجه الشيخان. عن ابن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم نهي أن يخطب أحد علي خطبة الآخر وقال : "لا يخطب الرجل علي خطبة أخيه حتي يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب". ومع وجوب احترام المجتمع للخطبة إلا أنه يجوز لأحد الخاطبين أن يترك صاحبه بفسخ الخطبة بإرادته المنفردة. ومن تلقاء نفسه إذا كان رشيداً دون الحاجة إلي إذن الطرف الآخر أو غيره. لأن الخطبة وعد غير ملزم بالزواج وليس زواجاً. والهدف منها هو البحث عن السعادة عند الآخر بعد الزواج. والخطبة تساعد علي هذا الكشف. ولذلك أذن النبي صلي الله عليه وسلم للخاطب ذكراً أو أنثي أن يترك دون أدني حرج عليه. وهذا استثناء تقتضيه طبيعة الخطبة من عموم الوفاء بالوعد الذي يراه الجمهور مستحباً ويراه فقهاء المالكية واجباً في غير الوعد بالزواج لأن فسخ الخطبة أهون من الطلاق مستقبلاً. أما الشبكة فهي ما يقدمه الخاطب للمخطوبة تأليفاً لقلبها وإثباتاً لصدق نيته في التقدم لها. وتكون غالباً من الذهب بقدر محترم حسب المستوي الاجتماعي. ويختلف حكم الشبكة عند اختلاف الخاطبين بحسب تكييفها الفقهي. وفيه ثلاثة احتمالات "1" أن الشبكة هدية مطلقة. وفي هذه الحال تصير حقاً للمخطوبة عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة. لما أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه الترمذي والحاكم. عن ابن عمر وابن عباس. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده". وذهب الحنفية إلي جواز الرجوع في الهدية إلا إذا وجد مانع شرعي من الرجوع فيها كالزيادة أو الهلاك أو الموت أو قطع رحم أو صدقة أو الإثابة. لما أخرجه الحاكم وصححه عن ابن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : "من وهب هبة فهو أحق بها ما لم يثب منها". "2" أن الشبكة هدية مشروطة بإتمام الزواج. وهذا الشرط غير صحيح عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة في المعتمد. لأن الهدية تمليك في الحال. والتعليق والإضافة تنافيه. وذهب المالكية وبعض الحنابلة إلي صحة هذا الشرط في الجملة. ويترتب عليه أن الشبكة تكون حقاً للطرف الراغب في إتمام الزواج. فإذا كان فسخ الخطوبة من جهة المخطوبة فليس لها حق فيها. وإن كان فسخ الخطوبة من جهة الخاطب فليس له الحق في استردادها. "3" إن الشبكة جزء من المهر. وهو اتجاه بعض المعاصرين. واستدلوا بأنهم يثبتون وزنها وشكلها فيما يعرف بالقائمة التي تحتوي علي حقوق المرأة المالية تجاه زوجها. والمهر لا يُستحق إلا بالزواج. والخطبة ليست زواجاً. ومن هنا فإن الشبكة حق للخاطب له استردادها سواء كان الفسخ من جهته أو من جهة المخطوبة. وإذا اختار الخاطبان حل مشكلة الشبكة عرفياً فلهما اختيار أي قول فقهي مما سبق. أما إذا رفع الأمر إلي القضاء فإنه سيطبق القانون في الهبة والذي لا يخرج عن المذهب الحنفي سالف الذكر.