تصدرت الاحداث السياسية في مصر الاعلام العالمي أمس.. جاءت افتتاحيات معظم الصحف العربية حولها ودعت في مجملها الي ضرورة الحوار الوطني للخروج من الأزمة. نقلت الفضائيات مشاهد مصورة لما يجري في ميدان التحرير وشارعي محمد محمود وقصر العيني.. كما تصدر أخبار المشهد السياسي المصري النشرات التليفزيونية والاذاعية. في الرياض دعت صحف سعودية في افتتاحياتها أمس القوي السياسية في مصر إلي العودة إلي طاولة الحوار وقالت إن الخلاف في الأصل سياسي تحاول الاطراف أن تلبسه ثوبا قانونيا لتبرير مواقفها وما من سبيل للخروج من الازمة الراهنة وحقن الدماء ووقف التصعيد سوي بالحوار الجاد والمخلص¢. وقالت صحيفة "الرياض" تحت عنوان "مصر..الحوار هو الطريق لحل الأزمة"...في مصر مجري الأحداث يتجه لتصعيد الأزمات وبصرف النظر عمن يملك الحق الدستوري سواء الحكومة أو المعارضة فالوحدة الوطنية يجب أن تكون خطا أحمر ولعل مناعة مصر عن الخلافات التي تؤدي إلي التقسيم تجعلها بعيدة تماما لأن تكوينها الاجتماعي لا توجد فيه صراعات قبلية ومذهبية وحتي ظواهر التماس بين المسلمين والأقباط لا تصل لحد الأزمة لأن هناك تأريخا من التعايش ظل عامل توازن وتوافق¢. وأضافت ¢ لا أحد يستطيع الحكم علي مجري الأحداث لأن الرئيس اتخذ قرارات تسانده فيها قوائم حزبية مهمة لكن المعارضة اختارت الطريق المضاد أي استقلال القضاء وكل الحريات ومحاسبة ما جري من تقصير وكلا الطرفين يملك الحجج التي تجعله علي حق لكن استمرار الأوضاع لتتجه للصدام أمر سوف يضعف الجانبين¢. رأت الصحيفة أن المسألة برمتها سياسية وطالما الحلول متوفرة فإن إيجابيات فتح الطرق للحوار هي التي تقطع المسافة بين الطرفين وتعيد مصر لقوتها العربية والدولية. تساءلت صحيفة ¢عكاظ¢ في كلمتها الافتتاحية تحت عنوان "مصرإلي أين؟" قائلة...مصر بلد كبير ودولة محورية لها تأثيرها في المنطقة ولها محبون كثيرون ولهذا ينشغل بشؤونها وشجونها الكثيرون أيضا..وما يجري فيها هذه الأيام يشغل المعنيين باستقرار المنطقة الذين لا يريدون أن تضيع الجهود والطاقات في المماحكات الحزبية والتنافس علي الأشياء الآنية ويفقدون مؤشر البوصلة التي تقودهم إلي الوجهة الحقيقية المتفقة مع مصالح الوطن. وعلقت الصحيفة بالقول ¢إن الشعب المصري اليوم يعاني من الواقع المعيشي بصورة تهدد استقراره وأمنه وحياته والصراعات السياسية التي لا تريد أن تتوقف أمام هذه الحقيقة تخاطر بمستقبلها ومصالح بلدها¢. أضافت ¢ إن المرحلة حرجة وتحتاج إلي رؤية العقلاء وبصيرة الحكماء لموازنة المصالح الكبري مع الأهداف الخاصة وإيقاف النزيف الذي يدفع بالبلاد إلي المزيد من التدهور الاقتصادي والاجتماعي والأمني¢ وتابعت ¢عكاظ¢ : وإذا لم تدرك القوي المتصارعة هذه الحقائق وتعود إلي لغة العقل وطاولة الحوار والتفاهم فإنها تقدم شهادة علي عدم إدراكها لرغبات الناس وحاجتهم وعدم الاستفادة من تجارب الماضي الذي أكد أن للشعب المصري قدرة علي تجاوز من لا يقدرون صبره وطاقته علي التحمل. رؤية باكستانية في اسلام آباد تتابع الصحافة الباكستانية باهتمام تطورات الأحداث في مصر. وعلقت صحيفة "ديلي تايمز" في مقال افتتاحي قائلة: إنه بعد ثمانية أيام من الهجمات المكثفة والهجمات المضادة بين إسرائيل بقيادة نتنياهو وقطاع غزة بقيادة حماس تم وقف العنف والتوصل إلي سلام هش بمساعدة من أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر. وأضافت الصحيفة أنه مما لاشك فيه أن تلك الهدنة كانت ضرورية لوقف حرب شاملة تندلع في المنطقة الا أن التوابع الرئيسية لتلك التهدئة يتردد صداها في مصر أكثر من صداها في منطقة الحدود المضطربة بين غزة وإسرائيل. قالت الصحيفة تحت عنوان "مصر بعد تهدئة غزة" إن الجهد الناجح الذي قام به الرئيس مرسي لتهدئة العاصفة لأول مرة كان المسعي الدبلوماسي البارز الذي أظهر للعالم أنه صوت عاقل ومفاوض ممتاز.. الا أنه ومع العودة الي الشأن الداخلي أظهر المصريون ردود فعل متباينة لمكانة وسلطات رئيسهم التي تشهد تناميا مطردا. وأوضحت الصحيفة أن مرسي قد تشجع بالنجاح الذي حققه علي الساحة العالمية ولم يضيع وقتا لمنح نفسه سلطات واسعة - تجعله في مأمن من الرقابة القضائية وتسمح له باتخاذ ¢أي خطوات¢ ضد ¢تهديدات للثورة ¢ بقصد توسيع نطاق صلاحياته دون أن يشارك في عملية سياسية توافقية . ألمانيا تتابع من جانبه قال وزير الخارجية الألماني فسترفيلي إننا نتابع الوضع في مصر بقلق ونعول علي الرئيس محمد مرسي الذي تمكن بشعور كبير بالمسئولية من التوصل إلي عقد هدنة بين حماس وإسرائيل وأن يكون علي نفس القدر من المسئولية في علاج قضايا الداخل أيضا. ونقل بيان وزعته سفارة ألمانيابالقاهرة أمس عن فسترفيلي قوله:إننا نعول علي أن عملية التحول الديمقراطي في مصر والمشاركة المجتمعية وسيادة القانون والفصل بين السلطات ستستمر في المضي قدما. أضاف: ¢إنه من الضروري ألا تضيع قيم الثورة العليا في خضم عملية التحول حيث أنها المقوم الرئيسي كي يصبح التطور الإيجابي في مصر ممكنا.¢ في لندن عنونت صحيفة الإندبندنت مقالتها الرئيسية بعنوان "الرئيس المصري خطا خطوة كبيرة للوراء" وتقول: منذ أقل من 48 ساعة كان مرسي يتلقي الثناء من شتي أنحاء العالم علي وساطته الناجحة التي أدت إلي هدنة بين إسرائيل وحماس. وأدي نجاح وساطته إلي آمال عريضة في أن تضطلع مصر بدور كبير في المنطقة. لكن هذه الآمال تداعت بعد ذلك بساعات بسبب الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي. وتضيف: إن الإجراءات التي اتخذها مرسي غير مرغوب فيها وخاطئة فيكفي أن نقول ما قاله نقيب المحامين في وقفة مع كبار الشخصيات المعارضة إن الإعلان الدستوري الجديد يعني "النهاية التامة لاستقلال القضاء". كما اتهم المعارض البارز محمد البرادعي مرسي بتنصيب نفسه فرعوناً جديداً. وأشارت إلي انه لا يوجد ما يدعو لإعادة محاكمة رموز مبارك الذين أدينوا بالفعل. فلا داعي لتكرار المشاهد التي كان يبثها التليفزيون المصري لمبارك ممدداً علي سريره في القفص. وتختتم المقال بقولها إن قرار مرسي قضي علي الكثير من مكتسبات انتفاضة 2011 وانه حتي تزدهر مصر الجديدة فعلي مرسي أن يعيد النظر في قراره الأخير. أما صحيفة الجارديان فتناولت في مقال بعنوان: "إجراءات شديدة الخطورة" وأكدت أن بعض عناصر الإعلان الدستوري الجديد لاقت قبولا في أوساط الجماعات الثورية التي تعارض مرسي في الكثير من القضايا الأخري. ومن بين هذه الإجراءات إقالة النائب العام عبدالمجيد محمود الذي ينظر إليه علي انه من الموالين للرئيس السابق حسني مبارك وعلي انه السبب في انهيار القضايا المرفوعة ضد قتلة المتظاهرين في انتفاضة يناير .2011 وتقول إن قرار مرسي منح كل قراراته حصانة من المساءلة والاستئناف حتي يتم إقرار الدستور الجديد ويتم إجراء انتخابات برلمانية جديدة وبهذا يتمتع مرسي بسلطة مطلقة. تري أن التناقض والمعضلة الرئيسيين يكمنان في انه كيف يمكن لمرسي الانتقال إلي الديمقراطية وإرساء احترام القانون والفصل بين القوة التشريعية والقضائية بالانقلاب علي القانون وإعلاء كلمته عليه. وتضيف إن مرسي يقول انه قام بإصدار القرار علي مضض وبصورة مؤقتة ولكن هذا لا ينفي انه أصدره مما دعا منظمة الشفافية الدولية إلي مطالبته بإعادة النظر في قراره لأنه في حاجة إلي قضاء مستقل لمحاربة الفساد. تمضي الصحيفة قائلة إن مؤيدي مرسي يردون علي منتقديه بثلاث حجج لا تخلو من الصحة: أولها ان القضاء ليس مستقلاً حيث يقاوم بعض القضاة مساعي النظام القديم ولكن الباقين يحاولون جاهدين ألا تنجح مساعي التحول الديمقراطي. والنقطة الثانية: هل يرغب أحد في عودة المجلس العسكري؟ أما الحجة الثالثة: إذا وضع الدستور الجديد فإن ذلك سيقلص من سلطات مرسي بشكل كبير. وبهذا يخلصون إلي أن مرسي ليس فرعونا جديدا. وأوضحت ان كل هذه الحجج مجرد حجج سياسية ولكن الحياة السياسية في مصر لا تبدو معافاة بينما يشتبك الليبراليون المعارضون لمرسي مع الإسلاميين المؤيدين له في القاهرة والسويس وبورسعيد. تختتم الصحيفة المقال بأن أي تحول ديمقراطي في مصر لن ينجح إذا أصبحت أكثر استقطابا وبأن مرسي يحتاج إلي إجماع ليحكم.