آه يا وطن اختفت ملامحه وسط ضباط الفوضي.. ضاعت معالمه في أمواج الهوس.. اختفت حروفه وهو ينطق أولي كلمات الأمل.. هل بقي هناك أمل؟! آه يا وطن كتبوا اسمه علي الجدران .. رفعوا علمه في الميدان.. سطروا عنه قصائد وألف ديوان.. وداسوا ما كتبوه بالأقدام.. مزقوا الوطن في هوجة البحث عن الغنائم.. هل بقيت هناك غنائم؟! آه يا وطن كنت اعشقه طفلا.. وقاتلت من أجله شابا.. ولفظني شيخا.. ضاع العمر مقابل لا شئ.. ولا أبكي علي عمري الذي ضاع.. لكن ابكي علي أجيال قادمة تضيع ونحن نبحث عن ضوء.. هل بقي هناك ضوء؟ آه يا وطن مكتوب عليه العذاب.. قدره ان يكون خاتما في أصبع الحاكم.. لم يتغير شئ منذ أيام الفراعنة؟! كرابيج السخرة تلهب ظهر الوطن.. كلاب الوالي تنهش لحمه.. سياف صاحب النعم يقف فوق رأسه حتي لا يرفعها.. وهل بقي أحد قادرا علي رفع رأسه؟ آه يا وطن عاش الوهم ألف مرة.. وارتوي من ماء السراب ألف مرة.. وانتشي بأحلام اليقظة ألف مرة.. واسكرته هلاوس المستقبل ألف مرة.. وفي كل مرة يستيقظ علي كوابيس الواقع المر.. هل بقي هناك أي حلم؟ آه يا وطن لا يعرف من الصادق ومن الكاذب.. كل المعسكرات رفعت رايتك وتغنت باسمك.. وكل المعسكرات علقت لك المشانق.. كل المعسكرات فتحت نيرانها علي قلبك .. كل المعسكرات خانتك.. ألم يتبق معسكر واحد مخلص؟ آه يا وطن أصبح علي حافة الانهيار.. الجميع يشكك في الجميع.. الكل يتحدث ولا أحد ينصت.. كلهم قادة بلا جنود.. جميعهم يحتكر الحقيقة.. هو علي الجنة وكلهم في النار.. كلهم أنبياء معصومون من الخطأ.. ليس فهم زان ولا عاص ولا كاذب هل تبقي هناك أنبياء؟ آه يا وطن آفاق يوما علي حلم الثورة.. وبعد ساعات سرقوا منه كل شئ.. حتي ورقة التوت نزعوها باسم الثورة.. ارتكبوا كل الموبقات باسم الثورة.. خربوا التاريخ باسم الثورة.. فرطوا في الأرض والعرض باسم الثورة.. اسكرتهم نشوة الانتقام ونسوا أنهم في ثورة.. هل بقيت هناك ثورة؟ آه يا وطن مفقود .. أين أنت؟