أمرت نيابة مدينة بحبس الشاب وليد محمد السيد 22 سنة المتهم بقتل العميد أسامة حامد عطوة الضابط بالإدارة العامة لمرور القاهرة بعد منتصف ليلة عيد الأضحي المبارك بعدما دهسه بسيارته ملاكي أثناء وقوفه بشارع صلاح سالم لتنظيم حركة المرور قبل صلاة العيد بمسجد الرحمن الرحيم ليسقط شهيداً في الحال بسبب استهتاره لأنه كان يقود السيارة وهو "مخمور" ليلاً وحاول الهرب بعد الحادث وتمكنت باقي قوة الشرطة المتواجدة من ملاحقته وضبطه. وقد شيعت جنازة عميد الشرطة الشهيد في جنازة عسكرية حضرها وزير الداخلية وقيادات الأمن وأسرته وزملاؤه بعد صلاة الجمعة أول أمس. كشفت التحقيقات أن المتهم من سكان منطقة عين شمس وصادر ضده حكم بالحبس لمدة عام في قضية ضرب بالبساتين وأنه وقت الحادث كان يقود سيارته بسرعة جنونية بشارع صلاح سالم بالقاهرة بعد منتصف ليلة العيد وهو مخمور. ورغم وجود حواجز حديدية أمام مسجد الرحمن الرحيم ووجود استعدادات أمنية لصلاة العيد إلا أن المتهم استمر في سرعته وأطاح بالحواجز وأطاح بعميد الشرطة الشهيد ليطير في الهواء لعدة مترات سقط بعدها علي رأسه والجانب الأيمن من جسده. وهو مهشم العظام وملطخ بالدماء بالبدلة العسكرية وسط ذهول المتواجدين من الزملاء الذين قاموا بعدها بمطاردة المتهم بعد رفضه التوقف في محاولة للهرب والإفلات من جريمته. لكنهم تمكنوا من اللحاق به وضبطه وتبين أن رائحة الخمر تفوح من فمه. واعترف بارتكاب الحادث لعدم قدرته علي السيطرة علي السيارة لقيادتها بسرعة في هذا الوقت المتأخر من ليلة العيد وهو في حالة عدم اتزان ولم يتوقع أن ينتهي احتفاله بليلة العيد بتلك الكارثة. * تنفرد "الجمهورية" اليوم بلقاء أسرة رجل الشرطة الذي استشهد أثناء عمله ليلة العيد في مشهد حزين ليترك لأهله الحسرة علي فراقه وتتحول فرحتهم باستقبال العيد إلي أحزان لا تنتهي بمسكن الأسرة بمنتجع النخيل بالتجمع الأول بالقاهرةالجديدة. في البداية أكدت شقيقة العقيد أمل حامد الضابط بإدارة العلاقات الإنسانية بمديرية أمن القاهرة أنها لم تتخيل لحظة واحدة أن تنتهي حياة شقيقها بهذه الطريقة المأساوية وفي تلك الليلة التي كانوا يتبادلون فيها التهاني لحين اللقاء أول أيام العيد كعادتهم. أضافت ودموعها تسبق كلماتها أن العميد الشهيد أسامة لم يكن شقيقها فقط. ولكنه كان بالنسبة لها كل شيء. فهو الأخ الوحيد لها وشقيقتيها أمنية بالهيئة العامة للاستثمار وأسماء مهندسة. وقد كان يسأل عنهن دائماً خاصة بعد وفاة والدهم الذي كان يعمل رئيساً لمجلس إدارة هيئة المعارض ويرعي أيضاً والدته المريضة التي لا تعلم حتي الآن شيئاً عن الحادث. وأنهم يقومون بإبعادها عن مشاهدة التليفزيون حتي لا تعرف بالحادث الذي قد يقضي علي حياتها هي الأخري. كما أن أولاده الثلاثة وزوجته في حالة انهيار وذهول منذ علمهم به. غير مصدقين ما حدث وكأنه حلم حول فرحتهم بالعيد إلي حزن. وعن كيفية علمها بالحادث قالت العقيد أمل: إنها تلقت اتصالاً تليفونياً بعد منتصف الليل من زميلها العقيد منتصر فتحي رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام يبلغها فيه بتعرض شقيقها العميد لحادث بسيط حتي يخفف عنها الصدمة. لكنها رغم ذلك كانت تشعر بما حدث وأسرعت في لهفة لمستشفي عين شمس التخصصي الذي تم نقله إليه عقب الحادث في محاولة لإسعافه وإنقاذ حياته ووضعه علي جهاز تنفس صناعي لمدة ثلاث ساعات بلا فائدة. وفاضت روحه إلي بارئها نتيجة جنون السرعة والاستهتار علي يد المتهم ليدمر برعونته عائلة بأكملها. أشارت إلي أنها بعد الحادث وجدت جميع القيادات الأمنية حولها وعلي رأسهم اللواء أسامة الصغير مساعد أول الوزير لأمن العاصمة ونائبه اللواء أحمد عبدالباقي واللواء سيد شفيق مدير الإدارة العامة للمباحث. الذين قدموا لها كل التسهيلات وواجب العزاء وأبلغوا الوزير أحمد جمال الدين ليأمر بأن تخرج جنازته عسكرياً بعد صلاة الجمعة ويحضرها مع المئات من الأهل والزملاء.. وفي النهاية طلبت أن ينال المجرم الجزاء الرادع ليكون عبرة لأمثاله من المستهترين حتي لا يضيع دم شقيقها هدراً لأنه لا يمكن أن يكون الحادث مجرد قتل خطأ من هذا المتهم المخمور مؤكدة أن كنوز الدنيا لن تعوضهم عن فراقه بعد هذا الحادث الأليم. أما زوجة الشهيد فايدة أحمد شرارة.. الدكتورة بالمركز القومي للبحوث فقد كانت في حالة صدمة عصبية وانهيار تام.. ومنذ علمها بالحادث تنتابها حالة هستيرية من وقت لآخر وتنادي علي زوجها الشهيد أسامة بعبارات تدعو للحسرة والألم. مشيرة إلي أنه ترك لها ثلاثة أولاد هم: حامد مدير علاقات عامة بأحد البنوك. والثاني محمد بالمرحلة الثانية بكلية الهندسة بالجامعة الألمانية. والثالث يوسف بالصف الثاني الإعدادي.. والذي لا يكف عن السؤال عن والده الذي وعدهم بنزهة في العيد في جو من البهجة والفرحة. ولكن الحادث دمر حياتهم بسبب استهتار السائق المستهتر الذي كان يقود السيارة بجنون وهو مخمور وظلت تردد: منه لله.. حسبي الله ونعم الوكيل.. ثم انفجرت في بكاء شديد. وترفض تناول الطعام. وقال ابنه الأكبر حامد.. مدير العلاقات العامة بأحد البنوك: إنه حتي الآن لا يصدق ما حدث. وكأنه حلم وكابوس مزعج. لدرجة أنه لا يستطيع النوم منذ علمه به. ولا يدري كيف يعيش الآن هو وأمه وباقي إخوته. لأن حياتهم انقلبت رأساً علي عقب بعد رحيل الأب الذي كان كل شيء بالنسبة لهم. وأنه يخشي علي أمه التي ساءت حالتها الصحية. وفي تدهور مستمر. وكذلك جدته لوالده التي لا تكف عن السؤال عنه لدي عمته. وكأنها تشعر بما حدث.. وكل ما نتمناه الآن أن يلهمنا الله الصبر. لأنها كارثة لجميع أفراد العائلة.