دولة "بائعي الإشارات" يرفضون تسمية أنفسهم بالمتسولين ويفضلون أن نطلق عليهم "باعة جائلين" البعض يظن انهم من أطفال الشوارع ولا يحترمون قانونا أو أخلاقا ولا يطيعون أحدا لكن هذا غير صحيح "فبائعو الإشارات" لديهم قانون ويتبعون قائدا كبيرا يتولي توفير المأكل والملبس لهم والمخدرات مقابل تحصيل إيرادات بيعهم. "الجمهورية" حاولت اختراق هذا العالم ومعرفة أسراره دخله الزميل سيد فتحي وهو يرتدي ملابس قديمة بواسطة من صبي اسمه "أمارة" يعمل بائع مناديل في إشارة مرور المعادي وطلب منه التوسط لدي كبيرهم حيث انه هارب من أسرته بالشرقية لانه مدمن مخدرات ولا يعمل ولا يوجد لديه مال أو مكان للمبيت وبعد مساعدته أمارة عدة ساعات قال لي "أمارة" ان من يعمل مع الزعيم "أبوأسامة" لا يتركه إلا في السجن أو ميت ومن أجل التأكد انني من سكان الشوارع قدم لي "أمارة" نص قرص "ترامادول" ليعرف هل أنا من المدمنين فعلا أم أدعي ذلك. الكبير "أبوأسامة" ادعيت انني تناولت الترامادول وطلبت منه الذهاب للكبير فوجدته يبلغ من العمر حوالي خمسين عاما وتظهر عليه علامات الشدة والغلظة وقام بتفتيشي ذاتيا بدقة للتأكد من أنني لست حكومة شرطة" ولا أعمل مرشدا لكنه لم يجد معي شيئاً غير جهاز محمول قديم لا توجد أرقام مسجلة عليه وطلب مني رواية قصة هروبي وأخذ بياناتي للسؤال عني. بعدها قام "الكبير أبوأسامة" بتكليف مجموعة من الصبية بتدريبي بعد أن قام باعطائي ملابس أقدم وأكثر تهالكا وذهبت معهم لمعرفة أسرار "المهنة" عند بوابة 2 بالمعادي وشرحوا لي كيف نمسح زجاج السيارات أثناء وقوفها في الاشارة وطريقة الالحاح علي الزبون لاقناعه بالشراء وبعد نصف ساعة كنت أول مكافأة لي من سائق سيارة ملاكي فارهة أعطاني مبلغ 5 جنيهات نظير مسح زجاج السيارة خلال خمس ثوان فقط لحظة وقوفه في الاشارة ثم بعد ذلك جاء شخص تابع للزعيم يطلقون عليه لقب "النضورجي" وهو الذراع اليمين ل أبوأسامة وأخذ مني المبلغ بالكامل وقال لي لكل بائع كيس بلاستيك نضع فيه حصيلة البيع اليومية. وفي نهاية اليوم يتم اعطاء جميع أكياس النقود للمعلم أبوأسامة وكانت حصيلة بيع المناديل ومسح السيارات في أول يوم التدريب لي بعد وقوف 12 ساعة باشارة المرور حوالي 125 جنيها وتجمعنا في نهاية اليوم في مخزن كبير تابع لمنزل الزعيم كان عددنا حوالي 150 بائعا وبائعة وتم فرز جميع الأكياس أمام الجميع فحصل أبوأسامة علي ثلاثة أرباع الحصيلة والربع يأخذه البائع. نصيبي من الإيراد وعندما طالبت الكبير "أبوأسامة" بنصيبي قال لي: الذي يتدرب لا يحصل علي نصيبه من الإيراد وتستمر فترة تدريبك ثلاثة أيام بعدها تحصل مثل زملائك وقال لي: لو لم يكن لديك مكان تنام فيه انتظر في المخزن ونام مع زملائك فأنا أوفر المسكن والمأكل. داخل المخزن ينام أكثر من 150 بائعاً وبائعة لا تتجاوز أعمار الكثير منهم 15 عاما بدون تفرقة بين الذكور والإناث وهو قريب من منزل "أبوأسامة" في حدائق المعادي ومكان النوم مخصص للجميع وأثناء وجودي في المخزن تعرفت علي أحد الصبية ويدعي إبراهيم إشارة وهو متخصص في بيع المناديل في الإشارات الرئيسية فقال: ان الزعيم يوفر جميع احتياجاتنا طوال اليوم من مخدرات ومأكل ومصروف في سبيل أخذ حصيلة البيع وان هناك انضباطا ونظاما وقوانين يتبعونها فنحن نستيقظ فجرا ثم نحصل علي المصروف الذي يبلغ عشرة جنيهات لشراء الغذاء والسجائر من "أبوأسامة" الذي يقوم أيضا بتوزيع حبوب الترامادول علينا لكي يساعدنا علي الوقوف ساعات طويلة يوميا في الاشارات والمترو والمحلات التجارية والشوارع الجانبية.