إلى حبلي السُرّي الذي يربطني بالحياة، وإرادتي الكبرى، وصانعة البهجة في حياتي.. إلى نورا عبد الفتاح. أشعر، وسط الموت الذي أصبح طقسًا يوميًا، ورائحة الدم التي لم تعد تكفي عطور العالم ومزيلات العرق والبخور للتغطية عليها، أنني محتاج لأن أقول لك كلمتين، اليوم وليس غدًا، فمن يضمن أن يعيش للغد؟! أنا أحبك، هذه هي الحقيقة الوحيدة التي أظل أحملها في قلبي، بعيدا عن صدأ السعي اليومي وراء لقمة العيش، وجفاف المشاعر الذي يمليه الانشغال والغرق في تفاصيل منمنمة لا تنتهي. أنا أحبك وأتمنى لو يمتد بي العمر لنكبر معًا، ونشيخ معًا، وتبيضّ شعراتنا معا، فتناولينني علاج السكر، وأناولك علاج الضغط، وننتظر يوم الجمعة بلهفة لنستقبل أبناءنا وأحفادنا، ونتسند على بعضنا بعضا، لنركب المترو لشراء متطلبات المنزل وزيارة الطبيب ودفع الإيجار الشهري! أنا أحبّك، حتى وإن لم أسبّح بها ليل نهار، ولم أنتهز كل فرصة واتتني لأعبّر لك عنها، ولم أكتبها بالقلم الأحمر وأعلقها على باب حجرتك بشكل يومي، ولم أخبر بها أصدقائي وأحبابي. أنا أحبك، حتى وأنا أصيح في وجهك، وأختلف معك وأخاصمك بالساعات، وأرفض تناول الطعام معك على مائدة واحدة، وأُحمّلك وحدك نتيجة أخطائي التي لا تنتهي، وأترفّع عن قبول نصائحك السديدة دائما! أنا أحبك، وأقدّر لك كل اللفتات الرقيقة التي صدرت عنك، في الوقت الذي باعني فيه جميع من حولي، وأقدّر لك رعايتك لي وصيانتك لحبي، رغم كل المعوّقات التي كانت تهيب بك ألا تفعلي! أنا أحبك، وأتذكر لك آلاف التفاصيل، آلاف الكلمات، آلاف اللحظات المضيئة بالعطاء، آلاف الشُحنات الإيجابية التي أمددتني بها في الوقت الذي تصورت فيه أن شحني قد نفد للأبد! فأنتِ لم تكوني امرأة عادية، تهتم بما تهتم به النساء عادة، يحدّها الزمان والمكان، وتربطها بالأرض الرغبات والشهوات والطموحات فقط، ولكنك كنت استثناء عجيبا وسط ملايين العاديّات، كنت "امرأةً تفصيل"، أراد الله سبحانه وتعالى أن يتجلّى عليّ بطلاقة قدرته، فوهبك لي، في لحظة تاريخية، وجعل بيننا مودة وسكنا، وأمرنا أن كونا مثلا أعلى للحب، وكونا رسالتي لكل المحزونين والمتعبين من مكابدة الأشواق، كونا إرادتى الكبرى ونافذة عبادي على رحمتي.. فكنّا.