يوم الثالث عشر من مارس كل عام، يحمل معه ذكرى أليمة، تتمثل في رحيل الفنان الفذ عبد الله غيث، صاحب مدرسة الأداء المتميز في تاريخ الفن الحديث. ولد عبد الله غيث يوم 28 يناير عام 1930، بكفر شلشمون بمنيا القمح، التابعة لمحافظ الشرقية، وهو شقيق الفنان الراحل الكبير حمدي غيث، ورحل عن دنيانا عام 1993. حصل عبد الله غيث على دبلوم المعهد العالي للفنون المسرحية في عام 1955، ثم اتخذ من شقيقه مدرسة فنية، تخرج على يديها فنانا كبيرا متمكنا، لا يرضى إلا بتقمص الأدوار الصعبة التي تترك بصمة كبيرة لدى المشاهدين. أول أدوار غيث السينمائية كانت فيلم "لا وقت للحب" عام 1962، وقد لفت انتباه الجمهور على الرغم من أن دوره لم يكن كبيرا، وفي عام 1963 قدم دورا مميزا آخر في الفيلم الكلاسيكي الشهير "رابعة العدوية"، ثم قدم فيلم "ثمن الحرية"، و"أدهم الشرقاوي" في العام التالي، بالإضافة للتوت والنبوت، وملف سامية شعراوي، والسمان والخريف. ومن أهم الأدوار التي قدّمها، تجسيده لشخصية الصحابي الجليل "حمزة بن عبد المطلب"، ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم في النسخة العربية من فيلم "الرسالة"، الذي أخرجه السوري الراحل مصطفى العقاد. وفي مجال المسرح، قدم غيث عددا من الأدوار التي لا تنسى، مثل دوره في مسرحية "الحسين ثائرا" و"الفتى مهران" و"زيارة السيدة العجوز" و"الوزير العاشق" لفاروق جويدة. أما على الشاشة الصغيرة، فيذكر المخضرمون مسلسله الشهير "هارب من الأيام"، رائعة الكاتب الراحل ثروت أباظة، والسيرة الهلالية بأجزائها الثلاثة، والثعلب الذي جسد فيه دور الرئيس الراحل أنور السادات، وموسى بن نصير، و"المال والبنون"، وصولا لآخر دور قدمه في حياته في مسلسل "ذئاب الجبل" الذي لم يستطع إكماله للنهاية، وتوفي في أثناء تصويره، مما اضطر المخرج لدمج حدث موته في المسلسل لتبرير غيابه! ومن كثرة أداء غيث للأدوار التاريخية وبراعته في تقمّصها، واهتمامه بها في أخريات أيامه خاصة، بدا وكأنه فارس التاريخ الذي يسعى لإعادة تجسيد الأيام العظيمة الماضية، ليقدم لنا القدوة والمثل. وقد حظي غيث بالعديد من التكريمات في حياته، مثل الجائزة التي حصدها عن دوره في فيلم "ثمن الحرية" عام 1964، وجائزة أخرى عن دوره المتميز في مسرحية "الوزير العاشق"، وجائزة أحسن ممثل من التليفزيون عام ????، بالإَضافة لشهادة تقدير من بطل الحرب والسلام أنور السادات عام ????، ودرع دولة الإمارات العربية المتحدة عام ????.