توقع مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية الأمريكى، جون ألترمان، أن يعيد التاريخ نفسه فى مصر، وألا تختلف الحكومة المقبلة بشكل كبير عن نماذج الحكومات السابقة فى البلاد، محذراً من تأثير الوضع الأمنى على بناء دولة مصرية جديدة. وقال ألترمان، فى تصريحات خاصة للمصرى اليوم من واشنطن، إن التغييرات فى الحكومة تستغرق بعض الوقت لتظهر نتائجها، وبالنظر إلى التاريخ المصرى فيما يطلق عليه اسم ثورة 1952 لم تكن ثورة على الإطلاق، بل كانت مجرد حركة، وكان محمد نجيب وجهها البارز، بينما ظل جمال عبدالناصر بعيداً عن الأضواء لمدة عام كامل، وقفز الجيش إلى الحياة العامة عام 1955 بعد 3 سنوات تقريبا من عزل الملك فاروق. وأضاف أن الحركات السياسية تستغرق بعض الوقت عادة حتى تكشف عن نفسها فى أعقاب تغيير الحكومات، "وما كان واضحا لبعضنا فى فبراير وأصبح أكثر وضوحاً الآن هو أن القيادة العسكرية، وليس متظاهرى التحرير، هى القوة الحاسمة فى الحياة السياسية المصرية، ومن المستحيل التكهن إلى أى مدى سيتغير هذا وفى أى اتجاه". وحول تقييمه لأداء المجلس العسكرى خلال الفترة السابقة، قال ألترمان إن المجلس العسكرى يعتبر نفسه السلطة الشرعية الوحيدة، التى تجسد مصالح المصريين الوطنية، معرباً عن اعتقاده بأن قادة المجلس العسكرى يرغبون فى البقاء على مقربة من السلطة، كرقيب على تجاوزاتها، ولكنه "لا يشعر برغبة حريصة من جانبهم فى حكم مصر بصورة مباشرة على نحو ما يحدث منذ فبراير الماضى" - على حد قوله. وأشار ألترمان إلى أنه من الصعب معرفة تفاصيل النظام الانتخابى، وكيف سيتم تنفيذها، معرباً عن أمله فى أن يؤدى إلى تشكيل حكومة تعبر عن تطلعات وطموحات الشعب المصرى. ورداً على سؤال حول إمكانية أن تشكل جماعة الإخوان المسلمين أغلبية كبيرة فى البرلمان المقبل، قال ألترمان: "من الصعب التكهن من على بعد آلاف الأميال، ولكنى أعتقد أن جماعة الإخوان المسلمين لن تكون أغلبية مطلقة فى البرلمان، وإن كان من المرجح أن تكون واحدة من أكبر الكتل التصويتية فيه". وأعرب ألترمان عن اعتقاده بأن البرلمان سيضم شرائح واسعة من الحياة السياسية المصرية، ولن يكون قاصراً على جماعة الإخوان المسلمين، والأعضاء السابقين فى الحزب الوطنى المنحل، و"إن كنت غير مرتاح لنتائج استبعادهم بشكل منهجى". وحول السيناريوهات المتوقعة لشكل الدولة المصرية فى المستقبل، وما إذا كانت ستسير وفقا للنموذج التركى أو الإيرانى قال ألترمان: "لكل من تركيا وإيران قيادة كاريزمية، تتشكل السياسة الوطنية حولها، ولا أرى فى مصر قيادة كاريزمية مشابهة، وأظن أنه نتيجة التحول فى مصر فلن تكون منفصلة بشكل حاسم عن نماذج الحكم السابقة فيها". وأضاف أن الاقتصاد سيكون ضعيفاً لبعض الوقت فى المستقبل، ذلك يرجع جزئياً إلى الظروف العالمية، وأيضاً إلى عدم الاستقرار السياسى الذى أدى إلى تضاؤل الاستثمار فى مصر، مشيراً إلى أن مصر ستكون بحاجة فى الفترة المقبلة لقيادة اقتصادية حقيقية تعمل على خلق مستقبل مختلف، ومتوقعاً أن يتم ربطها بالقيادة السياسية. وأكد أن تحقيق النمو الاقتصادى أمر صعب، وقال: نعرف من البرلمانات فى جميع أنحاء العالم أنه من الأسهل العمل من خلال نظام الدعم والإعانات المالية والتأمين الاجتماعى بدلا من محاولة زيادة الإيرادات، مشيراً إلى أن الحكومة المصرية الجديدة ستحتاج إلى دعم الشعب المصرى، لكنها لن تكون قادرة على تحمل القيام بذلك من خلال الإعانات، والتعيين الحكومى وزيادة الأجور. وحذر ألترمان من خطورة عدم الاستقرار الأمنى على مستقبل مصر، وقال: "الأمن يؤثر على كل شىء، بما فى ذلك رغبة الشعب فى استثمار حياته لبناء مصر جديدة.. ودون أمن من الصعب أن نرى كيف يمكن لمصر أن تنمو سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً".