روي محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بالذي رأيته من الأذان، فقال: "إن هذه الرؤيا حق، فقم فألقها على بلال فإنه أندى صوتاً منك" قال: ففعلت، قال: فجاء عمر بن الخطاب رضى الله عنه لما سمع أذان بلال جر ثوبه، وقال: "يا رسول الله، رأيت مثل ما رأى عبد الله بن زيد، قال: فقال "الحمد لله فذاك أثبت". وروي عبد الله بن زيد الأنصاري، عن أبيه، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد همَ بالبوق وأمر بالناقوس فنمت فأرى عبد الله بن زيد الأنصاري في المنام، قال: رأيت رجلاً عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوساً، فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال: ما تصنع به، قلت: ننادى به على الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير لك من ذلك؟ قلت: بلى، قال: تقول: الله اكبر، ثم لقنني كلمات الأذان، ثم مشى هنيهة، ولقننى كلمات الإقامة، فلما استيقظت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته فقال عليه السلام: "إن أخاكم قد رأى رؤيا، فاخرج مع بلال إلى المسجد فألقها عليه فليناد بها فإنه أندى صوتاً منك" فخرجت معه فجعلت ألقيها وينادى بها بلال، فسمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه الصوت، فخرج، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى. - من رأى أنه أذن مرة أو مرتين وأقام وصلى صلاة فريضة رزق حجاً وعمرة، لقوله تعالى: (وأذن في الناس بالحج) "الحج 27"، ولأن بعرفات يؤذن ويقام مرتين. - ومن رأى كأنه يؤذن على منارة فإنه يكون داعياً إلى الحق ويرجى له الحج، فإن رأى كأنه يؤذن في بئر فإنه يحث الناس على سفر بعيد. - ومن رأى كأنه مؤذن وليس بمؤذن في اليقظة ولى ولاية بقدر ما بلغ صوته إن كان للولاية أهلاً، فإن رأى كأنه يؤذن على تل أصاب ولاية من رجل أعجمي، وإن لم يكن للولاية أهلاً فإنه يصيب تجارة رابحة أو حرفة عزيزة. - ومن رأى أنه زاد في الأذان أو نقص منه أو غير ألفاظه فإنه يظلم الناس بقدر الزيادة والنقصان. - وإن أذن في شارع فإن كان من أهل الخير فإنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وإن كان من أهل الفساد فإنه يضرب. - ومن رأى كأنه يؤذن على حائط فإنه يدعو رجلاً إلى الصلح، وإن أذن فوق بيت فإنه يموت أهله، فإن أذن فوق الكعبة فإنه يظهر بدعة. - ومن أذن على سطح جاره فإنه يخون جاره في أهله، ومن أذن بين قوم فلم يجيبوه فإنه بين ظلمة لقوله تعالى: (فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين) "الأعراف 44". - ومن رأى أنه أذن وأقام فإنه يقيم سنة ويميت بدعة. - ومن رأى صبياً يؤذن فإنه براءة لوالديه من كذب وبهتان، لقصة عيسى عليه السلام. - والأذان في الحمام لا يحمد ديناً ولا دنيا، وقيل إنه يقود فإن أذن في البيت الحار فإنه يحم حمى ناقض، فإن أذن في البيت البارد، فإنه يحم حمى حارة، ومن أذن على باب سلطان فإنه يقول حقاً. وروي عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: الأذان مفارقة شريك، لقوله تعالى: (وأذنان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) "التوبة3". - ومن أذن في قافلة فإنه يسرق لقوله تعالى: (أيتها العير إنكم لسارقون) "يوسف70". - ومن أذن في البرية أو المعسكر يكون جاسوساً للصوص. - ومن كان محبوساً فرأى كأنه يقيم أو يصلى قائماً فإنه يطلق، لقوله تعالى: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة) "التوبة5". - ومن رأى غير محبوس أنه يقيم إقامة الصلاة، فإنه يقوم له أمر رفيع يحسن الثناء عليه فيه. - ومن رأى كأنه أقام على باب دار فوق سرير، فإنه يموت، ومن رأى كأنه يؤذن على سبيل اللهو واللعب سلب عقله، لقوله تعالى: (وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) "المائدة 58". - ومن سمع أذاناً في السوق، فإنه يعني موت رجل من أهل تلك السوق، ومن سمع أذاناً يكرهه فإنه ينادى عليه في مكروه. - والأصل في رؤيا الأذان.. إذا رآه من هو أهل له كان محموداً إذا أذن في موضعه، وإذا رآه من ليس بأهل أو رآه في غير موضعه كان مكروهاً.. فإن أذن في مزبلة فإنه يدعو أحمق إلى الصلح ولا يقبل منه، وإن أذن في بيت فإنه يدعو امرأة إلى الصلح فإن أذن مضطراً فإنه يغشى امرأة.