"يادي الخزى يادي العار اخ بيضرب اخوة بالنار".. "واحد اتنين الجيش المصري فين".. "انتخاباتك يا مصر باطل وشبابك هو اللي عاطل".. "يا سوزان قولي للبيه كيلو اللحمة ب 100 جنيه".. كل هذه الهتافات المصرية الأصلية الصميمة خرجت من عمق القلب لتصرخ في وجه نظام عنجهي اعتقد أن الشعب مات أو ملهي في لقمة العيش والخوف من القمع والضرب والسحل والتعذيب والقتل والدفن الذي تمارسه وزارة بأكملها قد يكون بين صفوفها عدد من الشرفاء إلا أنهم مجرد عدد وسط أغالبية عظمى. طالبت المظاهرات التي كانت نواة لثورة شعبية فيما بعد بثلاثة مطالب أسياسية "عيش - حرية - عدالة اجتماعية" إلى أن ظلت المطالب في التصاعد وكان دافع التصاعد هو تعامل الداخلية المفرط للقوة مع استخدام أساليب القمع والتعذيب في الشوارع من خلال عدد من البلطجية تم شحنهم إلى الشوارع الجانبية لوسط البلد عبر ميكروباصات منزوعة الأرقام أو معلقة عليها أرقام وهمية . ما يحدث الآن في مصر هو نتاج طبيعي جدا لإدارة الموقف السياسي في المرحلة الحالية فمن خرجوا من كل فج عميق ومن صمت ظل ما يقارب من 60 عاما وهى مدة الحكم الجمهوري لمصر الذي اتسم بالعسكرية وتحديدا 30 عاما وهى مدة حكم مبارك الذي كان يرغب جديا في توريث أحد نجليه جمال أو علاء وهذه حقيقة فكان علاء مبارك أيضا يتم تحضيره ليكون خلفا لأخيه في حال إخفاق جمال. الحقيقة المُرة أن إدارة هذه المرحلة السياسية غير واضحة كما أن عدم وجود برلمان يراقب أداء الحكومة جعل من الشعب متنمرا لكل تصرف تقوم به الحكومة سواء كانت قرارات سياسية أو اقتصادية مما جعل اللجوء للاحتجاج في ميادين مصر "الأربعين - السويس - التحرير - القاهرة - القائد إبراهيم - الإسكندرية" وسيلة ضغط ذات أهداف واقعية نابعة من القرارات المرفوضة من قبل الشعب الذي عادة يهتف ويقول "الشعب يريد...." تتناسي الجهات السياسية في مصر أنها ما تزال تتصرف في ميراث ثقيل ومع شعب ثائر لم يهدأ ومع مجموعة كبيرة من الشباب هم قوام هذه الثورة يريد أن تكون الإجراءات شفافة وسريعة، وهذا خوف نابع مما يراه يحدث على ارض الواقع هذا الميراث الثقيل قد يكون بعض الجهات ليس أهلا له لكن للأسف يجب أن تكون كذلك فيجب أن تكون قراراتها مرضية للجميع و في وقت قياسي، فتصريحات وزير المالية على سبيل المثال وليس الحصر.. حين قال إن "الأسعار سترتفع بنسبة تقترب من الربع قبل شهر رمضان" فهل هذا التصريح كان مدروسا من النواحي المختلفة الاقتصادية منها أو السياسية. هل من المنطقي أن تحذر الجهات السيادية من وجود عمليات تهريب على الحدود الغربية مع ليبيا والجنوبية مع السودان فهل هذا دور الشعب فهل دور الشعب أن يقوم بحماية الحدود ولماذا نستخدم ذات نبرات التهديد التي كان يستخدمها نظام بغيض استفز الشعب المصري طوال ثلاثة عقود متتالية يوجد عدد من الأمور غير المنطقية وهى الدافع الأساسي للاحتجاج والاعتصام والضغط لتنفيذ القرارات والسرعة في اتخاذها والتصرف في المشكلات بما لا يجعل هنا أو هناك اعتصاما. فلقد انتهى في مصر زمن الوقفات الاحتجاجية أمام نقابة المحامين أو على سلم نقابة الصحفيين وعرف الناس طريقا جديدا وهو الميادين وغلق الطرق العامة والهتاف والسباب في بعض الأحيان دون خوف لأنهم يطالبون بمطالب لهم حق فيها... مطالب إنسانية ليست فئوية أو ذات مرجعيات أو أجندات فكل طائفة في مصر تجتمع اليوم على مطلب واحد لا أكثر وهو الحرية والعدل الاجتماعي والحياة الإنسانية الكريمة . فهل لا نستحق الحياة دون ممارسة ضغوط سواء كانت هذه الضغوط ممارسة من قبل الحكومة أو من قبل الشعب على الحكومة.. هل لا يعرف من يحترفون مهنة السياسة في مصر معني الشفافية والحياد وتسييس الأمور لتسير الدنيا في هدوء. للعلم ولا يخفي سرا على احد أن الغالبية العظمي من الشعب المصري شعرت بالزهق والملل من التطورات المتلاحقة هذا الزهق قد يولد الانفجار... انفجارا جديدا في مكان يعبر عما بداخلهم من هموم لا يمكن اختصارها في ثلاثة أو ثلاثين مطلبا.. الزهق نبع من وجود ضغوط متبادلة وبالونات اختبار متوالية الأخرى تلو الأخرى... إحساس بالضغط السياسي والاجتماعي والنفسي والمادي. فاليوم يعاني رجل الشارع زوج المرأة العاملة والد الطالب المتوسط من عدد من الضغوط من عدم شعوره بالأمن الذي لا يستطيع تحقيقه إلا الجهات السيادية العليا التي مازالت تمارس سياسة التخويف يعاني من ارتفاع السلع الاستهلاكية الأساسية عقب قيام ثورة كان يعتقد أنها ستحقق له هامشا محدودا من الأمان الاجتماعي... إلى المعانة من قمع اجتماعي يمارسه تجار تميزوا بالجشع دون حسيب او رقيب بالرغم من وجود مؤسسات المحاسبة... يعاني من تعليم ابنه الطالب المتوسط يخشى على مستقبله الذي سيكون إما ناصية الشارع أو المقهى الرخيص لسنوات طويلة دون عمل أو عمل في مجال دون ادني حقوق أو تأمينات أو راتب يكفي قوت يومه. هذا الشعب الرائع العظيم حين خرج في ال 25 من يناير 2011 واستمر في ثورته صرخ في وجه الظلم وهو صفر اليدين صرخ من اجل أن يحيى كإنسان وهذا لم يتحقق بعد.. يتمني أن يكون مواطنا ذا حقوق وعليه واجبات محددة وواضحة يتمني أن يعيش في أمان وليس تأمين أفراد بعينهم على حساب الأغلبية.. يتمنى أن يرى حقيقة واضحة جدا أمام عينه وعلى مسامعه يقتنع بها وليس تحذيرات وتخويفات ووجوه قبيحة اعتاد أن يراها منذ أن كان يلهو في الحارة بشورط وهم يتخذون له القرارات المصيرية التي تؤثر على حياته. أيها المسئولون إذا كانت المسئولية ثقيلة عليكم فواجهوا الشعب بها و سيكون خير عونا لكم.. استمعوا.. استفتوا الناس في أمور دنياهم ومعاشهم ولا تخسفوهم حقوقهم.. تعاملوا معهم كأنهم فرد من أسرتكم ولا تتعالوا عليهم مطلقا لأنكم جزء منهم وهم جزء منكم لا يمكن فصله على الإطلاق. أرجو أن لا أرى اعتصاما جديدا في ميادين مصر.. احتجاجا على قرار او تباطأ في اتخاذ قرار أو التخاذل في اتخاذ موقف يسعد الغالبية مع التسرع في اتخاذ قرار يجعل الناس تدور حول نفسها وتضرب كفا على كف.. كل ما يحتاجه المواطن ان يتم التعامل معه كإنسان فقط ولا يريد من يفرض عليه قرارات مدعيا أنه يعرف مصلحته فقد بلغ الشعب المصري سن الرشد وقادر على ان يشارك في اتخاذ كافة القرارات التي تصب في مصلحة هذا الوطن .