هناك مقولة أحبها لفيلسوف السلام الهندي المهاتما غاندي يقول فيها: "حتى لو كنت أقلية في مجموعة ما فيبقى الحق هو الحق" "Even if you are a minority of one, the truth is the truth." ما هو الحق؟ هو الحب هو العدل هو الرحمة هو الحياة الكريمة هو التسامح هو الإخاء هو البناء وما هو ليس بحق؟ هو الكراهية هو الظلم هو الحقد هو التعالي هو العداوة هو الهدم الحق هو ما نتفق عليه جميعا بالفطرة على أنه حق؟ والحق لا يحتاج قوانين ولا فلسفات ولا قوى من أي نوع لتخبرنا أنه حق وتسيرنا في اتجاهه، هو فطري أذلي خلقي. الحق هو ما يميز الأديان عن القوانين فاليهودية أو المسيحية أو الإسلام قامت على فكرة الحق وكان منبعها ومنشأها "كلمة الحق" فكلها لم تعتمد على القوة بل التواضع والبساطة والوداعة، ولم تعتمد على العدد والجماهير بل كانت تحارب دائما من قبل الأغلبية الرافضة. كما لم تعتمد على قوانين أو نصوص اجتماعية معاصرة، فقط الحق.. والحق وحده... وهو ما يجد دائما طريقه دون أن يدفعه أحد سواء وافق الجميع أو اعترضوا... فهو دائما المنتصر والناصر للمناصرين له إذا دعونا نتفق: أولا: الحق يعني العدل والحب والمساواة ثانيا: الحق يغلب العدد والقوة والقانون ليه أنا بقول كده؟ عشان فيه اتجاهين ممكن الناس تختار أنها تمشي فيهم عشان نرسم الصورة الجاية لبلدنا الأول: وهو اتجاه الإسلاميين المتشددين والجماعات الجهادية وبعض السلفيين واللي عبر عنه مرشد الإخوان السابق إنه لا يمانع أن يحكم مصر ماليزي مسلم من أن يحكمها مصري مسيحي، وهو بذلك ينكل بحق المصري المسيحي ليس في الحصول على منصب بعينه ولكن الحق في العدالة باعتباره لن يجد مكانا غير وطنه الذي ولد فيه ليشارك في رفعة شأنه ويرسم سبل نموه وازدهاره بحسب رؤيته. الثاني: وهو اتجاه المصريين العقلاء والمتعلمين مسلمين ومسيحيين وحتى اللادينيين وهو أن مصر إسلامية سياسيا فقط باعتبار أن أغلبية سكانها يدينون بالإسلام وتربطها علاقات ومصالح مشتركة مع الدول الإسلامية لتشكيل قوة معترف بها، لها وزنها أمام التحالفات الغربية، وهذا لا يعني ولا يفرض على من هو غير مسلم من المصريين أن يعيش في مرتبة أدنى ويبتعد كل البعد عن المناصب الحساسة وأماكن اتخاذ القرار وكراسي التمثيل الشعبي والفئوي والقومي، فهو حقه إن كان يصلح بدون أي اعتبارات أخرى أيا كانت. الفرق بين الاتجاه الأول والثاني، أن الاتجاه الأول يقوم على العنصرية وهي صورة من صور الكراهية، فأن تحب من هو مثلك فقط وتنصره على من هو مختلف حتى ولو ظلما فهذا ليس عدلا وبالتالي ليس حقا، وهكذا كانت الحياة قبل الأديان. فالمنادي بالاتجاه الأول يأخذ حق إنسان في انتمائه لبلده ويحوله إلي عبد يعمل ويأكل ويتكاثر فقط كالحيوانات في الحظائر دون أن يكون له دور في تحديد مصيره ورسم تصوراته لمساعدة أهل بلده. أما الاتجاه الثاني فيقوم على الحب والترابط بين الأمم والدول والشعوب، فهو استغل الدين إيجابيا لخلق سبل تواصل وعلاقات متأصلة مع دول تتشابه في نفس الدين، وحتى لو افترضنا أن المصريين اختاروا في يوم ما مصريا مسيحيا ليحكم البلد فستجده حينئذ من اشد الحريصين على الحفاظ على مثل هذه العلاقات الدولية مع دولا إسلامية وأيضا غير إسلامية مادامت تصب في الصالح العام ولا تعتدي على الحق؛ أي الحب والرحمة والعدل.