اعتدنا في أي مناسبة وطنية، على أن يقوم عدد من مطربينا على توثيق الحدث - من وجهة نظر كل منهم - بأغنية تعبر عنه، وكان آخرها بالطبع حادث كنيسة القديسين الذي تبعه على الفور عدد من الأغنيات التي ربما لم تكن على مستوى فن راق. ومنذ أن اندلعت ثورة الغضب ولقرابة الأسبوعين لم يقم أي من المطربين - الأعزاء- بدس أنفه، وإقحام نفسه في الحدث العظيم والأبرز على كل الأصعدة حاليا، ربما لأن أحدهم لم يتوقع يوما اندلاع ثورة بهذا الزخم والرقي، وربما لأن بعض الفنانين كانوا يخشون الانحياز إلى جانب معين حيالها، حيث انقسم الوسط الفني ما بين مؤيد للثورة ومطالب التغيير أو مؤيد للاستقرار واستمرار النظام. ولكن هذا الوضع لم يستمر طويلا، حيث انهالت خلال اليومين الماضيين العديد من الأغنيات المخصصة للثورة، منها مثلا أغنية "شهداء 25" التي لم ينته منها بعد المطرب تامر حسني لكن جمهوره سرعان من قام برفعها على موقع يوتيوب حتى يسمعها معجبوه بصورتها الأولية، دون أي توزيع موسيقي. والأغنية بالطبع من كلمات وألحان تامر حسني. كما ظهرت بالأمس أغنية "ازاي" للملك محمد منير ، والتي كانت بمثابة - في فكرة تصويرها - فيلم تسجيلي قصير يلخص أحداث ثورة الغضب على مدى عشرة أيام كاملة. الكليب كان إيقاعه سريعا جدا، ليتناسب مع توزيع الأغنية، وربما جاء ذلك تناغما مع تسارع الأحداث بالنسبة للثورة نفسها، كما يمكن أن يكون لجوء الملك لهذا الستايل الغنائي غير المألوف بالنسبة للأغاني الوطنية، حتى يخاطب شباب الثورة أنفسهم، ويعبر عن مبرراتهم لاتخاذ هذا الموقف. اللافت أن منير لم يظهر في أي لقطة من الكليب ! الأغنية من كلمات نصر الدين التاجي وألحان وتوزيع أحمد فرحات، أما اخراج الكليب فتولاه هادي الباجوري. أما الفنان حمادة هلال فقد طرح أغنية بعنوان "فخور إني مصري" من ألحانه وكلمات ملاك عادل وتوزيع كريم عبد الوهاب، حيث كان له السبق - تقريبا - في التعبير عن حالة الزخم الشعبي حاليا. أغنيات في طور الإعداد.. وأخرى جديدة/ قديمة من جانبه، انتهي المطرب إيهاب توفيق من تسجيل أغنية بعنوان "ياللا نرجع مصريين"، وصور الفيديو كليب الخاص بها بالاستديو أثناء تسجيلها، وهي من كلمات وائل غرياني وألحان أشرف سالم، والهدف منها "دعم الرئيس مبارك الذي يستحق منا كل خير" - على حد وصف توفيق. في حين سجل المطرب والملحن محمد ضياء أغنية بعنوان "يا مصر شدي حيلك" وهي "ديو" مع المطربة الصاعدة زهور، وسيقوم بتصويرها وطرحها قريبا. بدوره، يقوم الفنان العراقي ماجد المهندس - ولأول مرة في تاريخ مسيرته الفنية - بإهداء أغنية من ألحانه خصيصا لمصر، بعنوان "أم الدنيا"، من كلمات العراقي فائق حسن وقام بتوزيع موسيقاها المصري مدحت خميس. أما الفنان مصطفى قمر، فقد أهدى أغنيته الجديدة "اعلي يا مصر" كلمات نور عبد الله وألحان مصطفى قمر- لعدد من القنوات الفضائية، وتم طرحها منذ فترة، لكن يبدو أن مسئولي الفضائيات ارتأوا حاجتهم إلى قطع ساعات البث "الجافة" بأغنيات "لا تنطوي على التسلية" فأضافوا الأغنية لقائمة فواصلهم بين فترات البث التي تشبه البيانات العسكرية، ونفس الحال بالطبع لعدد من الأغنيات مثل أغنية "مشربتش من نيلها"، "يبقى أنت أكيد في مصر"، "لو كنا بنحبها"، بالإضافة إلى أغنية "نيلها مفتاح الحياة" الخاصة بأحداث كنيسة القديسين، فضلا عن أغنية هشام عباس "البلد بلدنا". الطريف أن عددا من معجبي الفنان الكبير هاني شاكر قد ظنوا أن أغنيته "في كل شارع" تعبر تماما عن الموقف الحالي في الشارع المصري، حيث قاموا برفعها على اليوتيوب مع خلفية من مجموعة لقطات فوتوغرافية تصور أحداث ثورة الغضب. برأيي، أن هذه الأغنيات لم تعبر بعد عن ثورة الغضب، ولا عن كم المشاعر المتناقضة التي عاشها ومازال يعيشها الشارع المصري على مدى الأيام الماضية والقادمة.