حققت دول الخليج طفرة كبيرة في صناعة السينما خلال السنوات الأخيرة واستطاعت أن تحجز لنفسها مكاناً في عدد كبير من المهرجانات العربية والدولية بأفلام تكشف عن تجارب جادة تناقش الواقع بجرأة لافتة للنظر. وتشهد الدورة الرابعة والثلاثون لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي حضورا لافتاً للسينما الخليجية حيث تشارك الإمارات في قسم السينما العربية الجديدة بفيلم "مدينة الحياة" وهو أول فيلم إماراتي تأليفاً وإنتاجاً وإخراجاً وتمويلاً، كما أنه متعدد اللغات حيث تتحدث الشخصيات داخل الفيلم بلغاتها الأصلية وهي العربية والإنجليزية والهندية مع وجود ترجمة كاملة علي الشاشة، والفيلم إخراج علي مصطفى وإنتاج 2009 وبطولة سعود الكعبي، أحمد أحمد، الكساندرا ماريالارا، سونوسود، ناتالى دورمر، وفنان الهيب هوب الكندي العراقي الأصل المعروف باسم "ذينارسيسيست". وتدور أحداث فيلم "مدينة الحياة" حول حياة ثلاثة أشخاص يعيشون ضمن العديد من الثقافات الأخرى فى مدينة واحدة هى دبي وتتقاطع حياة رجل إماراتى محظوظ، وسائق تاكسى هندى أقل حظاً، وامرأة عربية فى مدينة حافلة بالطموح والنمو والفرص حيث لا يزال هناك متسع للأحلام الممكنة، ويعالج الفيلم تعقيدات الحياة فى المجتمعات متعددة الثقافات من الناحية العرقية، ومخرج الفيلم على مصطفى هو أيضاً مؤلف ودرس فى "لندن فيلم سكول" وأحدث مشروع تخرجه "تحت الشمس" صدي إيجابيا واسعا على الساحة السينمائية الدولية وقد فاز بجائزة أفضل مخرج إماراتى من مهرجان دبي عام 2007 . كما تشارك البحرين في المسابقة العربية بفيلم "حنين" إنتاج 2010 وإخراج "حسين الحليبى" وبطولة "خالد فؤاد" ، "هيفاء حسين" ، "علي العزير" ، وتدور أحداثه في إطار فلسفي من خلال جيل جديد محاط بصراع الأفكار، وكيف فقد الواقع الحالي فكرة التعايش بسبب فقدان البساطة فى التعامل مع الآخر، وتعود الأحداث لعام 1983 حيث كان المجتمع البحريني مازال محتفظا بأولويات التعايش فيما بينه من خلال عائلتين من طائفتين مختلفتين تعتبران نموذجاً لما كان عليه المجتمع فى السابق فهما بمثابة بيت واحد وعائلة واحدة، ويفرض القدر نفسه من خلال وفاة أب العائلة الأولى وأم العائلة الثانية وأدى هذا الظرف لحتمية زواج أب العائلة الأولى من أم العائلة الثانية لكن تغير المناخ الاجتماعى يدفع بهذه العائلة إلي التفكك بسبب بعض الأفكار المتطرفة ونبذ الآخر. وتشارك العراق بأربعة أفلام اثنان منهم في المسابقة العربية وفيلم في المسابقة الدولية لأفلام الديجيتال وفيلم في قسم السينما العربية الجديدة، ففي المسابقة العربية يشارك فيلم فيلم "حى خيالات المآته" إنتاج 2010 وإخراج حسن على وبطولة "عبدالله شوكت" ، "فاليد معروف" و"سولاف غريب "، وتدور أحداثه حول أسراب الغربان التى تهاجم الأراضى الزراعية ويحاول أصحابها حماية محاصيلهم من هذه الغربان، فتقوم معركة شرسة بين الجانبين "الغربان" و"أصحاب الأراضى" ينتح عنها أن يكون أطفال القرية هم الضحايا. ويشارك في المسابقة العربية أيضا فيلم "ابن بابل" إنتاج عام 2009 وإخراج "محمد الدراجى" ، وبطولة "بشير الماجد" وتدور أحداث الفيلم في شمال العراق عام 2003 بعد مرور أسبوعين علي سقوط صدام حسين من خلال قصة الولد الكردي "أحمد" الذي يبلغ من العمر 12 عاما ويعيش مع جدته، وتسمع الجدة أن بعض أسرى الحرب وجدوا أحياء في الجنوب فتقرر أن تعرف مصير ابنها المفقود والد أحمد والذي لم يعد إلي منزله منذ حرب الخليج عام 1991 ، وطوال الرحلة من جبال الشمال إلي أرض بابل كانا يستوقفان العربات ليركبا مجاناً متطفلين علي الأغراب، وألتقيا بالكثير من الرحالة مثلهما يقومون برحلات مشابهة وأثناء الرحلة ينمو الولد وينضج، وقد نال الفيلم جائزتين في مهرجان برلين السينمائي الدولى عام 2010 هما جائزة منظمة العفو الدولية وجائزة نوبل للسلام للإبداع السينمائي، كما تم ترشيحه لجائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبى لعام2011 بدعم من وزارة الثقافة العراقية. كما تشارك العراق في قسم السينما العربية الجديدة بفيلم "ضربة البداية" إنتاج 2009 وإخراج "شوكت كوركيشى" وبطولة "شوان عطوف" و"كوفار أنور" و"سهيلة حسن" و"ناصر حسن"، وتدور أحداث الفيلم حول مجموعة من الأسر المهاجرة التي تعيش فى ملعب كركوك الدولى، حيث يربط الفيلم بين لعبة كرة القدم وتأثيرات الحرب على تلك الأسر وسبق أن شارك الفيلم فى عدة مهرجانات ونال عددا من الجوائز منها جائزة أفضل فيلم روائى طويل فى الدورة الثالثة لمهرجان الخليح السينمائى، كما نال الجائزة التقديرية فى مهرجان دبى وجائزة من مهرجان بوسان الدولى بكوريا الجنوبية وجائزة أفضل فيلم روائي شرق اوسطي طويل في الدورة العاشرة لمهرجان بيروت الدولي للسينما. وفي المسابقة الدولية لأفلام الديجيتال تشارك العراق أيضا بفيلم"متشابك باللون الأزرق" وهو إنتاج مشترك بين العراق وإيطاليا وإنجلترا والإمارات العربية عام "2010" وإخراج حيدر رشيد وبطولة فلاح هاشم وزوى ريجبى وإيان اتفيلد، والفيلم يطرح معاناة وغربة شاب إنجليزى من أصل عراقى يعيش فى لندن حيث تسيطر عليه حالة من الضياع والفشل فهو ينام فى سيارته تاركاً بيته، ويتسكع فى شوراع لندن بلا هدف ولايدرى ما يريد، ويحاول الخروج من عزلته وتجاوز محنته لكنه لا يعرف كيف يفعل ذلك لضعف شخصيته، كما أنه شاب مستقيم ليس لديه علاقات عاطفية إلا مع صديقة مغربية يحبها فى صمت منذ أربع سنوات ولايحب الاختلاط بالعالم أو الاتصال بأحد أو أن يتصل به أحد حتى أنه لا يملك هاتفاً جوالاً ليتصل بوالدته ويحاول اكتشاف والده الكاتب العراقى المشهور من خلال الأشرطة التى سجلها والده والتى تعكس حبه وعشقه وحنينه للعراق ويبحث عن ناشر لكتاب يتحدث عن والده الذى تم اغتياله بعد عودته إلى العراق عقب سقوط نظام صدام حسين. ولا تقف المشاركة الخليجية في الدورة الرابعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي على الأفلام فقط حيث تشارك المخرجة السعودية هيفاء المنصور في لجنة تحكيم مسابقة الأفلام العربية. وتعد هيفاء المنصور من أشهر المخرجين فى السعودية وكانت بدايتها الفنية من خلال الأفلام القصيرة حيث أخرجت ثلاثة أفلام هى: "من .....؟"، "الرحيل المر"، "أنا الآخر" الذى فاز بجائزة أفضل سيناريو فى مهرجان "أبو ظبى" عام 2004 وجائزة لجنة التحكيم الخاصة من مهرجان الفيلم العربى بروتردام بهولندا 2004، كما أخرجت العديد من الأفلام التسجيلية منها " نساء بلا ظلال" وعُرض فى ( 17 ) مهرجانا على مستوى العالم ونال عدة جوائز .