حضرت مؤتمرا شعبيا في دائرتي الانتخابية "كفر صقر- شرقية" لتأييد ودعم مؤمن وصفي بدوي باعتباره اولا وقبل كل شيء ابن عمي، المرشح لعضوية مجلس الشوري القادم وكانت هذه هي المرة الاولي التي احضر فيها مؤتمرا جماهيريا في الريف ولم اكن اتوقع علي الاطلاق هذا الحضور الكبير والاهتمام من الناس البسطاء بحضور مؤتمر سياسي لا يتبع الحزب الحاكم، اي انهم جاءوا بمحض ارادتهم الحرة ودون اي ضغوط او مقابل ومطالبتهم علنا بالتغيير وهذا قد يكون امرا عاديا وسط النخب السياسية والثقافية وفي القاهرة او الاسكندرية او المدن الصناعية كالمحلة الكبري مثلا لكن ان تأتي المطالبة بالتغيير من مركز هاديء ذي طابع ريفي فهذا بالتأكيد مؤشر حقيقي علي تغيير كبير في وعي ومطالب الجماهير وان الناس "طفح بها الكيل" ولم تعد قادرة علي احتمال المزيد من التدهور في مستوي المعيشة وارتفاع الاسعار الجنوني الذي اصبح يلتهم مرتباتهم الهزيلة، التي تقل كثيرا عن الحد الادني لخط الفقر والمعروف عالميا بدولارين للشخص وليس "للأسرة" في اليوم ناهيك عن تدهور جميع الخدمات وعلي رأسها الصحية فالمستشفي الوحيد في كفر صقر لا يوجد به حتي القطن والشاش او اي اسعافات اولية وابسط دليل علي ذلك ما حدث للطبيبة الشابة "هبة رشاد" عندما اصيبت في حادث تصادم بين سيارة نقل والتوك توك الذي كانت بداخله نتج عنه اصابتها بنزيف حاد وظلت تنزف لمدة ساعة لعدم وجود اية اسعافات بالمستشفي فقام اهلها بنقلها الي المستشفي العام بالزقازيق ولكنها فارقت الحياة في عز شبابها، تاركة وراءها طفلا عمره ثلاثة اعوام يدعي رامز سيظل يدفع ثمن اهمال حكومي جسيم وفساد عام وعدم اهتمام بصحة وحياة الناس البسطاء من الشعب المصري. والامر لا يقتصر علي مستشفي كفر صقر العام فقط فقد وقع حادث اخر منذ اسبوع عندما سقط طفل عمره عامان من شرفة منزله وتم نقله الي مستشفي ههيا المركزي، فلم يجد اهله الحد الادني من الامكانيات لانقاذه وكاد ان يفقد حياته لولا انه من اسرة ميسورة الحال استطاعت ان تقوم بنقله الي مستشفي خاص بالزقازيق لانقاذ حياته. كذلك يوجد في دائرتي مركز لغسيل الكلي وهو ايضا لا يعمل لانه لم يستكمل اصلا طبقا لسياسة الاهمال العام وعدم الاهتمام بكل ما يهم ويمس حياة المصريين رغم ارتفاع اعداد المصابين بالفشل الكلوي كل يوم. اما حوادث الطرق في محافظة الشرقية مثلها مثل معظم محافظات مصر فحدث ولا حرج والسبب الرئيسي فيها هو سوء حال الطرق بشكل عام، اما علي مستوي المحافظة فهناك طريق يجري رصفه واصلاحه في كفر صقر منذ اربع سنوات ولم ينتهي العمل به لاسباب غير معروفة مما يتسبب في وقوع كثير من الحوادث وضحايا الطرق الذين يقدرون بالآلاف سنويا. ومن هنا كانت حالة الاهتمام الشديد والانصات من قبل الجمهور الذي حضر المؤتمر عندما حدثتهم عن اهمية المشاركة السياسية والعلاقة بين الديمقراطية وثمن رغيف الخبز والغلاء والاجور واهمية الذهاب لصناديق الانتخاب والادلاء باصواتهم وعدم اعطاء الحزب الوطني الفرصة لتزوير ارادتهم واهمية حماية الصناديق الانتخابية وقيمة صوت كل واحد فيهم وان التغيير لن يأتي الا عبر انتخابات حرة نزيهة تحت اشراف قضائي كامل، واختيار المرشح الذي يستحق ان يمثلهم ويتبني الدفاع عن مصالحهم تحت قبة البرلمان والا يبيعوا اصواتهم لسماسرة الانتخابات بأي ثمن لان المرشح الذي يشتري اصواتهم قبل الانتخابات حتما لن يروه بعدها لا مرشح لا مبدأ له ولديه اعتقاد انه اشتري هذه الاصوات بماله، وبالتالي فالناخب ليس من حقه ان يطالبه بشيء اخر، فقد قبض الثمن مقدما ويصبح كل همه عندما يضع قدمه علي اعتاب البرلمان ان يسترد ما انفقه علي الحملة الانتخابية بل اضعاف ما قام بصرفه ان امكن. واذكر هنا واقعة لاحد مرشحي الحزب الوطني بعد ان تم انتخابه ان اتصلت احدي الناخبات فما كان منه الا ان بادرها بقوله ماذا تريدون مني ألم تأخذوا شنط رمضان! ومرشح اخر لا يراه اهل الدائرة بعد الانتخابات الا عندما يأتي موعد الانتخابات التالية ويقولها علنا ولماذا سأنزل للناس، انا بادفع للحزب الوطني وضامن انه سيرشحني وضامن النجاح. اما المرشح الثالث فقد قام بشراء الاصوات يوم اجراء العملية الانتخابية وعندما نجح اتصلت به احدي الناخبات "وهذه واقعة حقيقية" رد عليها صوت نسائي وقال لها انها زوجته واتصلت برقم اخر للمرشح فردت عليها زوجته الثانية!! اما هو فهرب ولم يعد. اعتقد ان الناس استمعت لخطاب مختلف ولم يعتادوا عليه في مثل هذه الدوائر مما دفعهم الي الانصات والاهتمام وربما الاقتناع. لقد كشفت لي مشاركتي في هذا المؤتمر وبصدق ان هناك فرصة ذهبية امام الاحزاب السياسية المعارضة لابد وان تستغلها بأقصي ما تستطيع للتواجد وسط الجماهير في الشارع في المدن والمحافظات والقري وان تعبر عن مطالب الناس وتساهم بقوة ما تستطيع في حل مشاكلها سواء كان ذلك نظريا او عمليا فالشارع المصري في حالة يأس كامل من الاوضاع الحالية ويبحث عن بديل يمكنه ان ينير له الطريق ويساعده علي مواجهة مشاكل الحياة التي لم يعد قادرا علي مواجهتها دون مساعدة قوي وطنية تقدمية تملك رؤية وبرنامجا واقعيا تعبر عنه فهو يستحق ان يعيش حياة كريمة تليق بتاريخه وحضارته وعراقته.