أحمد عبد الرسول "لاعبو الإسماعيلي يعتذرون عن الإضراب .. والنادي يعاقب قائدى التمرد"، هو أحد العناوين اللافتة التى نقلتها وسائل الاعلام مؤخرا فى إشارة لانتهاء أزمة إضراب لاعبي فريق الكرة الأول بالنادي الاسماعيلي عن أداء مران يوم الثلاثاء الماضي بسبب عدم حصولهم على مستحقاتهم. خبر الاضراب لم يكن بالأمر الهين، فكيف مرت الواقعة مرور الكرام على مسئولي اتحاد الكرة والمجلس القومي للرياضة دون تحقيق، فأخبار تأخر مستحقات اللاعبين وأزمات الأندية المالية تتصدر صفحات الصحف بشكل شبه يومي، وهو ما كان يقتضي بحث أسباب هذه الأزمة وإيجاد حلول فورية لها وهى مهمة يفترض أنها بديهية ومن أبسط واجبات المسئولين. ربما تكون الأمور المادية مستقرة إلى حد ما فى الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك، فلا نسمع عن لاعب بهما لم يحصل على مستحقاته إلا نادرا ويكون السبب غالبا إما تأديبيا أو بعدما تكون النية قد اتجهت لدى الجهاز الفنى للفريق للاستغناء عن اللاعب ومن ثم يتم منع مستحقاته تمهيدا لتطفيشه مثلما حدث فى حالة اللاعب محمد عبد الله مع نادي الزمالك. ولكن عندما ننظر للأندية الأخرى "الجماهيرية" وتحديدا الاتحاد السكندري والاسماعيلي والمصري نجد أن وسائل الاعلام تكاد تمتلىء يوميا بأخبار الأزمات المالية وأشباح الديون التى تواجهها، رغم وجود تحفظات من البعض أحيانا حول وصول مستحقات اللاعبين في مصر للملايين. السبب وراء ذلك غير معروف، حتى رغم لجوء المجلس القومي للرياضة أو المحافظين لتعيين رجال أعمال فى رئاسة مجالس إدارة هذه الأندية لكي يصبوا زكائب نقودهم فى خزائنها بدلا من البحث فى كيفية إنعاشها ماديا ومحاولة الاستفادة مما يحدث فى المسابقات الأوروبية فى تسويق المباريات وبثها وتوزيع عائداتها على الأندية لتعم الفائدة على أنديتنا فتزدهر وتصبح لدينا مسابقات قوية وأخيرا يتمكن اللاعبون من "فتح بيوتهم" دون أن يكونوا مهددين من وقت لآخر بهزات مالية شديدة. تفكير لاعبى الدراويش فى اللجوء للإضراب كوسيلة للحصول على حقوقهم بالتأكيد بدا لهم منطقيا فى مناخ أصبح الإضراب وسيلة لانتزاع الحقوق على نطاق واسع فى مصر الآن، لكن يبدو أن إدارة الاسماعيلي كان لها رأي آخر. "سيتم خصم 10 آلاف جنيه من بعض اللاعبين الذين قادوا تلك الحركة، لردعهم عن مثل تلك التصرفات المسيئة للنادي والجمهور"، هكذا علق نصر أبو الحسن رئيس الاسماعيلي بعد تقديم اللاعبين لبيان الاعتذار عن الاضراب بعد تعرضهم فيما يبدو لضغوط كبيرة لإصداره . لاعبو الاسماعيلي لا يستحقون العقوبة وقادة التمرد لا يستحقون الشنق حتى لو كانت مزاعم الإدارة بأنها تؤخر المستحقات بسبب تراجع الأداء صحيحة، فالإضراب هو حق مشروع يقره القانون والدستور للمواطن عندما يتضرر من أمر ما طالما كان سلميا، بالإضافة إلى أن الكرة هى مصدر الرزق الوحيد للاعبين تقريبا. والسؤال الأهم الذى يجب أن يوجه لإدارة الاسماعيلي هو: هل فكرتم أولا فى الأسباب التى دفعت اللاعبين لمقاطعة المران قبل أن تهرعوا لتطبيق العقوبات؟؟. أخيرا يجب أن نتذكر أن مشكلة مستحقات اللاعبين وأزمات الأندية المالية في مصر ستظل تمثل صداعا لنا طالما لم تكن هناك ميزانيات "محترمة" للأندية ومراكز الشباب من قبل المجلس القومي للرياضة بدلا من إهدار الملايين على أمور أخرى لا تفيد، وطالما لم يكن لاتحاد الكرة وقفة مع الأندية التى تظلم لاعبيها.